Skip to main content
search

صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو

وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ

وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِياً

عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو

وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَوماً لِحاجَةٍ

مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو

وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ

سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو

تَأَوَّبَني ذِكرُ الأَحِبَّةِ بَعدَما

هَجَعتُ وَدوني قُلَّةُ الحَزنِ فَالرَملُ

فَأَقسَمتُ جَهداً بِالمَنازِلِ مِن مِنىً

وَما سُحِقَت فيهِ المَقادِمُ وَالقَملُ

لَأَرتَحِلَن بِالفَجرِ ثُمَّ لَأَدأَبَن

إِلى اللَيلِ إِلّا أَن يُعَرِّجَني طِفلُ

إِلى مَعشَرٍ لَم يورِثِ اللُؤمَ جَدُّهُم

أَصاغِرَهُم وَكُلُّ فَحلٍ لَهُ نَجلُ

تَرَبَّص فَإِن تُقوِ المَرَوراةُ مِنهُمُ

وَداراتُها لا تُقوِ مِنهُم إِذاً نَخلُ

فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّ مُحَجِّراً

وَجِزعَ الحِسا مِنهُم إِذاً قَلَّما يَخلو

بِلادٌ بِها نادَمتُهُم وَأَلِفتُهُم

فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّهُما بَسلُ

إِذا فَزِعوا طاروا إِلى مُستَغيثِهِم

طِوالَ الرِماحِ لا ضِعافٌ وَلا عُزلُ

بِخَيلٍ عَلَيها جِنَّةٌ عَبقَرِيَّةٌ

جَديرونَ يَوماً أَن يَنالوا فَيَستَعلوا

وَإِن يُقتَلوا فَيُشتَفى بِدِمائِهِم

وَكانوا قَديماً مِن مَناياهُمُ القَتلُ

عَلَيها أُسودٌ ضارِياتٌ لَبوسُهُم

سَوابِغُ بيضٌ لا تُخَرِّقُها النَبلُ

إِذا لَقِحَت حَربٌ عَوانٌ مُضِرَّةٌ

ضَروسٌ تُهِرُّ الناسَ أَنيابُها عُصلُ

قُضاعِيَّةٌ أَو أُختُها مُضَرِيَّةٌ

يُحَرَّقُ في حافاتِها الحَطَبُ الجَزلُ

تَجِدهُم عَلى ما خَيَّلَت هُم إِزائَها

وَإِن أَفسَدَ المالَ الجَماعاتُ وَالأَزلُ

يَحُشّونَها بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا

وَفِتيانِ صِدقٍ لا ضِعافٌ وَلا نُكلُ

تَهامونَ نَجدِيّونَ كَيداً وَنُجعَةً

لِكُلِّ أُناسٍ مِن وَقائِعِهِم سَجلُ

هُمُ ضَرَبوا عَن فَرجِها بِكَتيبَةٍ

كَبَيضاءِ حَرسٍ في طَوائِفِها الرَجلُ

مَتى يَشتَجِر قَومٌ تَقُل سَرَواتُهُم

هُمُ بَينَنا فَهُم رِضاً وَهُمُ عَدلُ

هُمُ جَدَّدوا أَحكامَ كُلِّ مُضِلَّةٍ

مِنَ العُقمِ لا يُلفى لِأَمثالِها فَصلُ

بِعَزمَةِ مَأمورٍ مُطيعٍ وَآمِرٍ

مُطاعٍ فَلا يُلفى لِحَزمِهِمُ مِثلُ

وَلَستُ بِلاقٍ بِالحِجازِ مُجاوِراً

وَلا سَفَراً إِلّا لَهُ مِنهُمُ حَبلُ

بِلادٌ بِها عَزّوا مَعَدّاً وَغَيرَها

مَشارِبُها عَذبٌ وَأَعلامُها ثَملُ

هُمُ خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عَلِمتُهُم

لَهُم نائِلٌ في قَومِهِم وَلَهُم فَضلُ

فَرِحتُ بِما خُبِّرتُ عَن سَيِّدَيكُمُ

وَكانا اِمرَأَينِ كُلُّ أَمرِهِما يَعلو

رَأى اللَهُ بِالإِحسانِ ما فَعَلا بِكُم

فَأَبلاهُما خَيرَ البَلاءِ الَّذي يَبلو

تَدارَكتُما الأَحلافَ قَد ثُلَّ عَرشُها

وَذُبيانَ قَد زَلَّت بِأَقدامِها النَعلُ

فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ

سَبيلُكُما فيهِ وَإِن أَحزَنوا سَهلُ

إِذا السَنَةُ الشَهباءُ بِالناسِ أَجحَفَت

وَنالَ كِرامَ المالِ في الجَحرَةِ الأَكلُ

رَأَيتُ ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيوتِهِم

قَطيناً بِها حَتّى إِذا نَبَتَ البَقلُ

هُنالِكَ إِن يُستَخبَلوا المالَ يُخبِلوا

وَإِن يُسأَلوا يُعطوا وَإِن يَيسِروا يُغلوا

وَفيهِم مَقاماتٌ حِسانٌ وُجوهُهُم

وَأَندِيَةٌ يَنتابُها القَولُ وَالفِعلُ

عَلى مُكثِريهِم رِزقُ مَن يَعتَريهِمُ

وَعِندَ المُقِلّينَ السَماحَةُ وَالبَذلُ

وَإِن جِئتَهُم أَلفَيتَ حَولَ بُيوتِهِم

مَجالِسَ قَد يُشفى بِأَحلامِها الجَهلُ

وَإِن قامَ فيهِم حامِلٌ قالَ قاعِدٌ

رَشَدتَ فَلا غُرمٌ عَلَيكَ وَلا خَذلُ

سَعى بَعدَهُم قَومٌ لِكَي يُدرِكوهُمُ

فَلَم يَفعَلوا وَلَم يُليموا وَلَم يَألوا

فَما يَكُ مِن خَيرٍ أَتَوهُ فَإِنَّما

تَوارَثَهُ آباءُ آبائِهِم قَبلُ

وَهَل يُنبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وَشيجُهُ

وَتُغرَسُ إِلّا في مَنابِتِها النَخلُ

زهير بن أبي سلمى

زُهير بن أبي سُلْمى المزني (520 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزُهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024