حنت لخضر ربي وزرق مياه

ديوان لسان الدين بن الخطيب

حنّتْ لخُضْرِ رُبيً وزُرْقٍ مِياهِ

وجآذِرٍ منْ قومِها أشْباهِ

فتَجاذَبَتْ جُدُلَ الأزمّةِ وانْبَرَتْ

تحْكي البَوارِقَ سُرْعَةً وتُضاهِي

هلاّ حَنَنْتِ الى مَعاطِنِ أمْنَةٍ

ومَقيلِ عِزٍّ تحْتَ سِدْرَةِ جاهِ

ما بعْدَ جنّاتِ العُلى منْ منْزِلٍ

إلاّ حِمَى عُمَرَ بنِ عبدِ اللهِ

في حيثُ فاخَرَ بالوِزارَةِ فاخِرٌ

كَلاّ وباهَى بالعَلاءِ مُباهِي

الواهِبِ الآلافَ غيْرَ مُعيرِها

طرْفَ الضّنينِ وإنْ تكُنْ هيَ ما هي

يَرْمي بفِطْنَتِهِ الرِّجالَ ولحْظِهِ

فيَميزُ داهِيَها منَ المُتداهي

سيفٌ علَى كفِّ الخِلافَةِ صارِمٌ

علَمٌ على ثوْبِ الجَلالِ الزّاهِي

شهِدَ العِيانُ بأنّ عالَمَ مجدِهِ

والحُسْنَ ليْسَ بعالَمٍ مُتَناهي

أكْرِمْ بهِ منْ مُورِدٍ أو مُصْدِرٍ

أعْظِمْ بهِ منْ آمِرٍ أو ناهِي

كمْ دون موقِفِ بأسِه منْ طاعِنٍ

كمْ دونَ منزِلِ ضيْفِهِ منْ طاهي

تتَضاءَلُ الأعْداءُ فوْضَى حوْلَهُ

كاللّيْثِ كَرَّ علَى قَطيعِ شِياهِ

كلِفَتْ نُفوسُ النّاسِ منْهُ بأرْوَعٍ

جَذْلانَ لا بَطِرٍ ولا تَيّاهِ

مُتَشاغِلٌ بالحَزْمِ يقْدَحُ زَنْدَهُ

لا يُسْتَفَزُّ بعابِثٍ أو لاهِي

الرّأيُ خَمْرٌ تُسْتَدارُ كؤوسُهُ

ومنَ الصّهيلِ مَعازِفٌ ومَلاهي

أمّا صَلاةُ صِلاتِهِ فهيَ التِي

قدْ جلّ فيها عنْ مَقامِ السّاهي

إمّا أرادَتْهُ الدّواهي كلّما

شكَتِ المُلوكُ بمُعْضِلاتِ دَواهي

فتَرى سِياسَة بَرْزُجُمْهِرَ أُحْكِمَتْ

أوْضاعُها في بابِ شاهٍ شاهِ

يا سيّدَ الوُزَراءِ يا مَنْ ذِكْرُهُ

كالشّهْدِ أو أحْلى علَى الأفْواهِ

يا مَنْ إذا ما قِيلَ أيّةُ غِبْطَةٍ

وسَعادَةٍ للمُلْكِ قال أنا هِي

سُسْتَ الأمورَ وبَيْتُ مُلْكِكَ قدْ غَدا

صِفْراً وتاهَ الخَلْقُ أيَّ مَتاهِ

فقَهَرْتَ كلَّ مُعانِدٍ وسلَكْتَ طُرْ

قَ العدْلِ بيْنَ أوامِرٍ ونَواهي

ما إنْ رأيتُ ولا سمِعْتُ بسُفْرَةٍ

فِرْزانُها نابَتْ مَنابَ الشّاهِ

أنا مَنْ علِمْتَ وفاءَهُ وثَناءَهُ

عِلْمَ اليَقينِ المحْضِ دونَ مُضاهي

لمّا عرَفْتُكَ ما شككْتُ بأنّهُ

تَثْرَى يَدا أمَلي ويُعْظَمُ جاهِي

أقْبَلْتُ في وفْدِ الهَناءِ مُبادِراً

ولِيَ الهَنا شُكْراً لفَضْلِ إلاهِي

جعلَ الإلاهُ ثَناكَ في الدُنْيا لهُ

مُتَردّداً فِي ألْسُنٍ وشِفاهِ

ويَمينَكَ السّمْحاءَ مُسْتَلَمَ الوَرى

وحِماكَ مَبْرَكَ آنفٍ وجَباهِ

وهَمَتْ علَى مثْواكَ إنْ ضنّ الحَيا

سُحْبٌ مُبارَكةٌ بفضْلِ اللهِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات