حلفت برب الجاريات إذا جرت

ديوان الفرزدق

حَلَفتُ بِرَبِّ الجارِياتِ إِذا جَرَت

وَحَيثُ دَنَت مِن مَروَةِ البَيتِ زَمزَمُ

لَما زادَني مِن خَشيَةٍ إِذ حَبَستَني

عَلى الخَشيَةِ الأولى الَّتي كُنتَ تَعلَمُ

إِذا ذَكَرَت نَفسي يَدَيكَ نَزَت بِها

كَراسيعُ زالَت وَالقَطيعُ المُحَرَّمُ

أَعوذُ بِقَبرٍ فيهِ أَكفانُ مُنذِرٍ

وَهُنَّ لِأَيدي المُستَجيرينَ مَحرَمُ

أَلَم تَرَني نادَيتُ بِالصَوتِ مالِكاً

لِيَسمَعَ لَمّا غَصَّ بِالريقَةِ الفَمُ

سَتَعلَمُ أَنَّ الكاذِبينَ إِذا اِفتَرَوا

عَلَيَّ إِذا كُرَّ الحَديثُ المُرَجَّمُ

بَني مُنذِرٍ لا جارَ مِن قَبرِ مِنذِرٍ

أَعَزَّ بِجارٍ حينَ يَدعو وَأَسلَمُ

فَهَل يُخرِجَنّي مُنذِرٌ مِن مُخَيِّسٍ

وَعُذرٌ بِهِ لي صَوتُهُ يَتَكَلَّمُ

أَعوذُ بِبِشرٍ وَالمُعَلّى كِلَيهِما

بَني مالِكٍ أَوفى جِوارَن وَأَكرَمُ

مِنَ الحارِثِ المُنجي عِياضَ اِبنَ دَيهَثٍ

فَرَدَّ أَبو لَيلى لَهُ وَهوَ أَظلَمُ

وَما كانَ جاراً غَيرَ دَلوٍ تَعَلَّقَت

بِعِقدِ رِشاءٍ عَقدُهُ لا يُجَذَّمُ

فَرَدَّ أَخا عَمروِ اِبنِ سَعدٍ بِذَودِهِ

جَميعاً وَهُنَّ المَغنَمُ المُتَقَسَّمُ

فَمَن يَكُ جارَ اِبنِ المُعَلّى فَقَد عَلا

عَلى الناسِ لا يَخشى وَلا يَتَهَضَّمُ

وَأَيُّ أَبٍ بَعدَ المُعَلّى وَمُنذِرٍ

وَبِشرٍ يُنادى لِلَّتي هِيَ أَفقَمُ

هُمُ النَفَرُ الكافونَ بَيعَةَ ما جَنَت

بِهِم يُرأَبُ الصَدعُ المُفَرَّقُ وَالدَمُ

وَكَيفَ بِمَن خَمسونَ قَيداً وَحَلقَةً

عَلَيهِ مَعَ اللَيلِ الَّذي هُوَ أَدهَمُ

أَبيتُ أُقاسي اللَيلَ وَالقَومُ مِنهُمُ

مَعي ساهِرٌ لي لا يَنامُ وَنُوَّمُ

وَلَو أَنَّها صُمُّ الجِبالِ تَحَمَّلَت

كَما حَمَلَت رِجلايَ كادَت تُحَطَّمُ

أَمالِكُ إِن أَخرُج بِكَفَّيكَ صالِحاً

تَكُن مِثلُ ذي نُعمى لِمَن كانَ يُنعِمُ

فَلَو أَنَّ ضَيفَ البارِقَينِ وَلَعلَعٍ

مَكانِكَ مِنّي نازِلٌ حينَ يَضغَمُ

كَأَنَّ شِهابَي قابِسٍ تَحتَ جَبهَةٍ

لَهُ مِن صِلابِ الرَعنِ بَل هُوَ أَجهَمُ

لَكانَ فُؤادي مِنهُ أَيسَرَ خَشيَةً

وَأَوثَقَ مِنّي لِلمَنِيَّةِ مُسلَمُ

إِذا كَشَرَت أَنيابُهُ عَن أَسِنَّةٍ

لَهُ بَينَ لَحيَي مُلجَمٍ لا يُثَلَّمُ

لَهُ اِبنانِ لا يَنفَكُّ يَجري إِلَيهِما

بِأَوصالِ مَعفورٍ بِهِ يَتَقَرَّمُ

وَأَوَّلُ ما ذاقا لَدُن فَطَمَتهُما

دَمٌ وَبَنانٌ مِن صَريعٍ وَمِعصَمُ

نَقولُ لِأَوصالِ الرِجالِ إِلَيهِما

وَما لَهُما إِلّا مِنَ القَومِ مَطعَمُ

وَلَم تَرَ مَخضوبَينِ أَجرَأَ مِنهُما

أَباً وَيَدَي أُمٍّ لَهُ حينَ تَفطِمُ

وَعَلَّمَني مَشيَ المُقَيَّدِ خالِدٌ

وَما كُنتُ أَدنى خَطوِهِ أَتَعَلَّمُ

أَقولُ لِرِجلَيَّ اللَتَينِ عَلَيهِما

عُرىً وَحَديدٌ يَحبِسُ الخَطوَ أَبهَمُ

أَما في بَني الجارودِ مِن رائِحٍ لَنا

كَما راحَ دُفّاعُ الفُراتِ المُثَلَّمُ

وَمَن يَطَّلِب سَعيَ المُعَلّى يَجِد لَهُ

صَعوداً عَلى كَفَّيهِ مَن يَتَجَثَّمُ

مَساعِيَ كانَت لِلمُعَلّى نَمى بِها

إِلى المَجدِ حَتّى أَدرَكَ الشَمسَ سُلَّمُ

فَثِنتانِ مَجدُ الجاهِلِيَّةِ فيهِمُ

وَهُم قَبلَ هَذا الناسِ لِلَّهِ أَسلَموا

تُعَدُّ بُيوتٌ في قَبائِلِ أَهلِها

وَبَيتاكُمُ مِن كُلِّ بَيتَينِ أَعظَمُ

عَسى اللَهُ أَن يَرتاحَ لي فَيَكُفَّني

بِرَحمَةِ مَن هُو مِن أَبي هُوَ أَرحَمُ

أَعوذُ بِبِشرٍ وَالمُعَلّى وَمُنذِرٍ

سِماكانِ كانا ذو سِلاحٍ وَمُرزِمِ

وَثالِثُهُنَّ المُهتَدى بِبَياضِهِ

إِلى الخَيرِ في لَيلٍ وَساريهِ مُظلِمُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الفرزدق، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات