Skip to main content
search

تَفوزُ بِنا المَنونَ وَتَستَبِدُّ


وَيَأخُذُنا الزَمانُ وَلا يَرُدُّ


وَأَنظُرُ ماضِياً في عَقبِ ماضٍ


لَقَد أَيقَنتُ أَنَّ الأَمرَ جِدُّ


رُوَيداً بِالفِرارِ مِنَ المَنايا


فَليسَ يَفوتُها الساري المُجِدُّ


فَأَينَ مُلوكُنا الماضونَ قِدماً


أَعَدّوا لِلنَوائِبِ وَاِستَعَدّوا


وَأَينَ مُعاقِدو الدُنيا قَديماً


نَبَت بِهِمُ فَلا إِلٌّ وَعَقدُ


وَكُلُّ فَتىً تَحُفُّ بِجانِبَيهِ


خَواطِرُ بِالقَنا قُبٌّ وَجُردُ


فَما دَفَعَ المَنايا عَنهُ وَفرٌ


وَلا هَزَمَ النَوائِبَ عَنهُ جُندُ


وَلا أَسَلٌ لَها قَرعٌ وَوَخزٌ


وَلا قُضُبٌ لَها قَطٌّ وَقَدُّ


أَعارَهُمُ الزَمانُ نَعيمَ عَيشٍ


فَيا سُرعانَ ما نَزَعوا وَرَدّوا


هُمُ فَرَطٌ لَنا في كُلِّ يَومٍ


نَمُدُّهُمُ وَإِن لَم يَستَمِدّوا


فَلا الغادي يَروحُ فَنَرتَجيهِ


وَلا المُتَرَوِّحُ العَجلانُ يَغدو


وَلِلإِنسانِ مِن هَذي اللَيالي


وَهوبٌ لا يَدومُ وَمُستَرِدُّ


تُجِدُّ لَنا مَلابِسَها فَيَبقى


جَديداها وَيَبلى المُستَجَدُّ


أَإِبراهيمُ أَمّا دَمعُ عَيني


عَليكَ فَما يُعَدُّ وَلا يُحَدُّ


يُغَصَّصُ بِالأَوائِلِ مِنهُ طَرفٌ


وَيَدمى بِالأَواخِرِ مِنهُ خَدُّ


بَكَيتُكَ لِلوَدادِ وَرُبَّ باكٍ


عَليكَ مِنَ الأَقارِبِ لا يَوَدُّ


وَإِنَّ بُكاءَ مَن تَبكيهِ قُربى


لَدونَ بُكاءِ مَن يَبكيهِ وُدُّ


إِذا غِضنا الدَموعَ أَبَت عَلينا


مَناقِبُ مِنكَ لَيسَ لَهُنَّ نِدُّ


فَمِنهُنَّ اِشتِطاطُكَ في المَساعي


وَفَضلُ العَزمِ وَالباعُ الأَشَدُّ


فَأَينَ مُسابِقُ الأَجالِ طَعناً


يَعودُ وَرُمحُهُ رَيّانُ وَردُ


وَأَينَ الآسَرُ الفَكّاكُ يَسري


إِلَيهِ مِنَ العِدى ذَمٌّ وَحَمدُ


فَاِعناقٌ أَحاطَ بِهِنَّ مَنٌّ


وَأَعناقٌ أَحاطَ بِهِنَّ قَدُّ


أَيا سَهماًرَمى غَرَضاً فَأَخطا


وَذي الأَقدارِ أَسهُمُها أَسَدُّ


وَلَو غَيرُ الرَدى جاثاكَ أَقعى


بِهِ مِن بَأسِكَ الخَصمُ الأَلَدُّ


قَتيلٌ فَلَّهُ نابٌ كَهامٌ


وَكانَ العَضبَ ضَوَّأَهُ الفِرِندُ


وَذَلَّ بِذُلِّ قاتِلِهِ فَأَضحى


لِقاتِلِهِ بِهِ عِزٌّ وَمَجدُ


فَيا أَسَداً يَصولُ عَليهِ ذِئبٌ


وَيا مَولىً يَطولُ عَليهِ عَبدُ


وَكَيفَ رَجَوتُ أَن يَبقى سَليماً


وَما شُربُ القُرونِ لَهُ مُعَدُّ


وَهَل بَقِيَت قَبائِلُهُ فَيَبقى


رَبيعَةُ أَو نِزارٌ أَو مَعَدُّ


مِنَ القَومِ الأُلى طَلَبوا وَنالوا


وَجَدُّ بِهِم إِلى العَلياءِ جَدُّ


إِذا نَدَبوا إِلى البَأساءِ عاجوا


وَإِن أَدنوا إِلى العَوراءِ صَدّوا


تَصَدَّعَ مَجدُ أَوَّلِهِم فَشَدّوا


جَوانِبَهُ بِأَنفُسِهِم وَسَدّوا


إِذا عُدَّ الأَماجِدُ جاءَ مِنهُم


عَديدٌ كَالرِمالِ فَلَم يُعَدّوا


سَقاهُ أَحَمُّ نَجدِيُّ التَوالي


يُعَمُّ بِوَدقِهِ غَورٌ وَنَجدُ


إِذا مَخَضَت حَوافِلَهُ جَنوبٌ


مَرى لَقَحاتِهِ بَرقٌ وَرَعدُ


تَدافَعَ مِنهُ مَلآنَ الحَوايا


سِياقُ النيبِ أَصدَرَهُنَّ وِردُ


وَلا عَرّى ثَراهُ مِنَ الغَوادي


وَمِن نُوّارِها سَبطٌ وَجَعدُ


إِذا ما الرَكبُ مَرَّ عَليهِ قالوا


أَيا حالي الصَعيدِ سَقاكَ عَهدُ


لَقَد كَرُمَت يَمينُكَ قَبلُ حَيّاً


وَقَد كَرُمَ الغَمامُ عَليكَ بَعدُ

الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن. شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024