الحمد لله في سر وفي علن

ديوان محيي الدين بن عربي

الحمد لله في سرٍّ وفي علن

حمداً يوفيه نفس الحمد واللسن

بألسنٍ ما لها حصرٌ ولا عددٌ

من كلِّ عضو حوته نشأةُ البدنِ

أعنى بذا بدنَ الأكوان أجمعها

كالعرشِ والفلك الكرسّني ذي المنن

لأنه الشرعُ والأقوام تعضده

بما حواه من الأحكام والسنن

تقسمت كلماتُ الله فانفصلت

أعيانها بعضها عن بعضها الحسن

وليس يدري الذي قلناه من حكم

إلا الذي هو ذو لب وذو فطَن

تمشي على السنة المثلى طريقته

فعينه عين ما قلناه في السُّنن

هو المحجة لا أكنى وسالكها

من يعرفون من أهل الشامِ واليمن

جسماً وروحاً وما في الكون غيرهما

إلا الخيال الذي يأتيك بالفتن

تراه في سنة الأنعام ذا نعم

نعم وفي سنة الأجداب ذا محن

وليس يدرك في نوم ولا سنة

سواه إن كنت ذا فهم وفي الحين

هذي حقيقته فلزم طريقته

ولا تخالفه في سرٍّ ولا علن

ولو تخالفه به تخالفه

لولاه ما عبد الرحمن في وثن

بالعقلِ تثبته كوناً وتثبته

بالشرعِ حكما فعمّ الأمر ياسكني

له التحكم في الألبابِ أجمعها

بالصور وهو له من أعظم الجبن

ذل العزيز بع عز الذليل به

فالحكمُ لله إذ لو شاء لم يكن

من أعجب الأمر أن الأمر يحكمه

والحكم في فرح منه وفي حزن

لو لا تحكمه فينا وقوته

ما كان يأتيك بالأفراح والحزن

قد يحكم الأمر من أمر فيبطله

بالوهم فهو مع الألباب في قرن

لولا الشريعة قد كنا على فلت

منه فيحكم في الفتيان بالفتن

الشرع جار به قربى لخالقنا

منا ليسعد عبد المؤمن الفطن

فاعبد إلهك ربَّ العرشِ في جهة

كأنبياء به في شرعه الحسن

بين الرسولِ وبين الروحِ قد ظهرت

هذي الأمور لتعليم لنا حسنِ

لولا تحكمه ما كنتَ أحكمه

فينا ومن أجل هذا نحن في غبن

إنا لنعلم أنَّ الحقَّ قال لنا

الحقُّ للساع رجل ليس للرسن

لولا الخبال وإيمان رميت بها

عقلا لما فيه من ضعف ومن منن

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات