Skip to main content
search

أُمَيمُ لا تُنكِري حِلّي وَمُرتَحَلي

إِنَّ الفَتى لَم يَزَل كَلّاً عَلى الإِبِلِ

وَسائِلي وارِدَ الرُكبانِ عَن خَبَري

يُنبيكِ أَنّيَ عَينُ الماجِدِ البَطَلِ

لا أَشرَبُ الماءَ ما لَم يَصفُ مَورِدُهُ

وَلا أَقولُ لِمُعوَجِّ الوِصالِ صِلِ

تُكَلِّفِيني مُقاماً بَينَ أَظهُرِكُم

وَلَيسَ يَبدُو فِرِندُ السَيفِ في الخِلَلِ

ما دامَتِ البيضُ في الأَجفانِ مُغمَدَةً

فَما يَبينُ لَها في الهامِ مِن عَمَلِ

وَفي التَنَقُّلِ عِزٌّ لِلفَتى وَعُلاً

لَم يَكمُلِ البَدرُ لَولا كَثرَةُ النَقلِ

وَالمَندَلُ الرَطبُ في أَوطانِهِ حَطَبٌ

وَقَد يُقوَّمُ في الأَسفارِ بِالجُملِ

داوَيتُكُم جاهِداً لَو أَنَّ داءَكُمُ

مِمّا يُداوى بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ

وَكُلَّما زادَ نُصحي زادَ غَيُّكُمُ

لا بارَكَ اللَهُ في وُدٍّ عَلى دَخَلِ

أَسَأتمُ وَظَنَنتُم لا أَباً لَكُمُ

أَن لا أُحِسَّ بِطَعمِ الصابِ في العَسَلِ

إِن أَترُكِ العَودَ في أَمرِ اِغتِنائِكُمُ

فَنَهلَةُ الطَرفِ مَجزاةٌ عَنِ العَلَلِ

كَم قَد غَرَستُ مِنَ الإحسانِ عِندَكُمُ

لَو يُثمِرُ الغَرسُ في صَفواءَ مِن جَبَلِ

لا تَحسَبُوا أَنَّ بُعدَ الدارِ أَوحَشَني

البُعدَ آنَسُ مِن قُربٍ عَلى دَغَلِ

لَقَد تَبَدَّلتُ مِنكُم خَيرَ ما بَدَلٍ

فَاِستَبدِلُوا الآنَ مِنّي شَرَّ ما بَدَلِ

شَرُّ الأَخِلّاءِ مَن تَسري عَقارِبُهُ

لا خَيرَ في آدِمٍ يُطوى عَلى نَغلِ

لا تَنقِمُونَ عَلى مَن لا يَبيتُ لَكُم

مِنهُ سَوامٌ وَلا عِرضٌ عَلى وَجَلِ

يُزانُ ناديكُمُ يَومَ الخِصامِ بِهِ

كَما تُزانُ بُيُوتُ الشِعرِ بِالمَثَلِ

إِذا خَطِيبُكُم أَكدَت بَلاغَتُهُ

أَجابَ عَنهُ فَلَم يُقصِر وَلَم يُطِلِ

أَثرى زَماناً فَلَم يَذمُمهُ سائِلُهُ

وَقَلَّ مالاً فَلَم يَضرَع وَلَم يَسَلِ

يَكسُوكُمُ كُلَّ يَومٍ مِن مَحاسِنِهِ

وَمَجدِهِ حُلَلاً أَبهى مِنَ الحُلَلِ

وَلَم يَزَل هَمُّهُ تَشييدَ مَجدِكُمُ

يَوَدُّ لَو أَنَّهُ أَوفى عَلى زُحَلِ

يُهينُ في وُدِّكُم مَن لا يَوَدُّ لَهُ

هُوناً وَيُكرِمُ فيهِ عِلَّةَ العِلَلِ

إِن قُلتُمُ الخَيرَ يَوماً قالَ مُبتَجِحاً

عَنكُم وَإِن قُلتُمُ العَوراءَ لَم يَقُلِ

ما ضَرَّكُم لَو وَفَيتُم فَالكَريمُ إِذا

حالَ اللَئيمُ وَفى طَبعاً وَلَم يَحلِ

أَلَستُ أَوفاكُمُ عَهداً وَأَحلَمُكُم

عَقداً وَأَقوَمُكُم بِالفَرضِ وَالنَفَلِ

أَلَيسَ بَيتُكُم في العِزِّ مَركَزُهُ

بَيتي فَما كانَ مِن فَخرٍ فَمِن قبلي

أَلَستُ أَطوَلَكُم في كُلِّ مَكرُمَةٍ

باعاً وَأَحملَكُم لِلحادِثِ الجَلَلِ

كَم يَنفُقُ الغِشُّ فِيكُم وَالنِفاقُ وَكَم

لا تَرغَبُونَ إِلى نُصحٍ ولا عَذَلِ

إِن يُمسِ مَقتُكُمُ حَظّي فَحُقَّ لَكُم

الوَردُ مِن قُربِهِ يُغمى عَلى الجُعَلِ

وَإِن عَكَفتُم عَلى من لا خَلاقَ لَهُ

دُوني فَقَد عَكَفَت قَومٌ عَلى هُبَلِ

أَمَّلتُ دَفعَ مُلِمّاتِ الخُطوبِ بِكُم

فَآهِ واشَقوتا مِن خَيبَةِ الأَمَلِ

وَكُنتُ أَحسَبُكُم مِمَّن تَقرُّ بِهِ

عَيني فَأَلفَيتُكم مِن سُخنَةِ المُقَلِ

إِن يَخفَ ما بَينَكم فَضلي فَلا عَجَبٌ

لا يَستَطيعُ شُعاعَ الشَمسِ ذُو السَبَلِ

يا لَيتَ شِعريَ وَالأَنباءُ ما بَرِحَت

تُسايِرُ الريحَ بِالأَسحارِ وَالأُصُلِ

هَل جاءَ قَومي وَأَخداني الَّذينَ هُمُ

إِن أُرمَ مِن قِبَلِ الرامينَ لا قِبلي

بِأَنَّني لَم أَرِد وِرداً أُعابُ بِهِ

وَلَم أَقِف ذاتَ يَومٍ مَوقِفَ الخَجَلِ

كَسَوتُ قَومِيَ وَالبَحرَين ثَوبَ عُلاً

يَبقى جَديداً بَقاءَ الحُوتِ وَالحَملِ

لَقَد تَقَدَّمتُ سَبقاً مَن تَقَدَّمَني

سِنّاً وَأَدرَكَ شَأوي فارِطَ الأوَلِ

بِذاكَ قُدوَةُ أَهلِ العِلمِ قاطِبَةً

أَبو البَقاءِ مُحِبُّ الدَينِ يَشهَدُ لي

هُوَ الإِمامُ الَّذي كُلٌّ لَهُ تَبَعٌ

مِن كُلِّ حافٍ عَلى الدُنيا وَمُنتَعِلِ

فَما الخَليلُ لَهُ مِثلٌ يُقاسُ بِهِ

وَهَل يُقايَسُ بَينَ البَحرِ والوَشَلِ

وَبَعضِ غُلمانِهِ يَكفي فَكَيفَ بِهِ

مُهَذَّباً لَم يَحِف جَوراً وَلَم يَمِلِ

وَلَم يَقُل وَحدَهُ ما قالَ بَل شَهدَت

بِهِ الأَفاضِلُ مِن بَغدادَ عَن كَمَلِ

وَلَيسَ في الشِعرِ مِن فَضلٍ يَطُولُ بِهِ

مِثلي وَلَو فاقَ أَعلى سَبعِها الطُوَلِ

بَل فَضلُ مِثلِيَ أَن يَسمُو بِهِمَّتِهِ

عَن مَدحِ فَدمٍ عَن العَلياءِ في شُغُلِ

علي بن المقرب العيوني

علي بن المقرّب العيوني شاعر من أهل الأحساء، توفي عام 630 هـ (1232م)، وهو من أواخر من يعرف من الشعراء المختصّين بنظم الشعر الفصيح بين أهل الجزيرة العربية قبل العصر الحديث. يرجع بنسبه إلى العيونيين من عبد القيس، الذين حكموا الأحساء في تلك الفترة بعد انتزاعها من القرامطة. وهو شاعر الدولة العيونية، ويعتبر ديوانه والشروحات التي أرفقت به من أهم المصادر حول تاريخ تلك الدولة.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024