أثوى وقصر ليلة ليزودا

ديوان أعشى قيس

أَثوى وَقَصَّرَ لَيلَةً لِيُزَوَّدا

وَمضى وَأَخلَفَ مِن قُتَيلَةَ مَوعِدا

وَمَضى لِحاجَتِهِ وَأَصبَحَ حَبلُها

خَلَقاً وَكانَ يَظُنُّ أَن لَن يُنكَدا

وَأَرى الغَوانِيَ حينَ شِبتُ هَجَرنَني

أَن لا أَكونَ لَهُنَّ مِثلِيَ أَمرَدا

إِنَّ الغَوانِيَ لا يُواصِلنَ اِمرَأً

فَقَدَ الشَبابَ وَقَد يَصِلنَ الأَمرَدا

بَل لَيتَ شِعري هَل أَعودَنَّ ناشِئاً

مِثلي زُمَينَ أَحُلُّ بُرقَةَ أَنقَدا

إِذ لِمَّتي سَوداءُ أَتبَعُ ظِلَّها

دَدَناً قُعودَ غَوايَةٍ أَجري دَدا

يَلوينَني دَيني النَهارَ وَأَجتَزي

دَيني إِذا وَقَذَ النُعاسُ الرُقَّدا

هَل تَذكُرينَ العَهدَ يا اِبنَةَ مالِكٍ

أَيّامَ نَرتَبِعُ السِتارَ فَثَهمَدا

أَيّامَ أَمنَحُكِ المَوَدَّةَ كُلَّها

مِنّي وَأَرعى بِالمَغيبِ المَأحَدا

قالَت قُتَيلَةُ ما لِجِسمِكَ سايِئاً

وَأَرى ثِيابَكَ بالِياتٍ هُمَّدا

أَذلَلتَ نَفسَكَ بَعدَ تَكرِمَةٍ لَها

أَو كُنتَ ذا عَوَزٍ وَمُنتَظِرٍ غَدا

أَم غابَ رَبُّكَ فَاِعتَرَتكَ خَصاصَةٌ

فَلَعَلَّ رَبُّكَ أَن يَعودَ مُؤَيَّدا

رَبّي كَريمٌ لا يُكَدِّرُ نِعمَةً

وَإِذا يُناشَدُ بِالمَهارِقِ أَنشَدا

وَشِمِلَّةٍ حَرفٍ كَأَنَّ قُتودَها

جَلَّلتُهُ جَونَ السَراةِ خَفَيدَدا

وَكَأَنَّها ذو جُدَّةٍ غِبَّ السُرى

أَو قارِحٌ يَتلو نَحائِصَ جُدَّدا

أَو صَعلَةٌ بِالقارَتَينِ تَرَوَّحَت

رَبداءَ تَتَّبِعُ الظَليمَ الأَربَدا

يَتَجارَيانِ وَيَحسَبانِ إِضاعَةً

مُكثَ العِشاءِ وَإِن يُغيما يَفقِدا

طَوراً تَكونُ أَمامَهُ فَتَفوتُهُ

وَيَفوتُها طَوراً إِذا ما خَوَّدا

وَعُذافِرٍ سَدَسٍ تَخالُ مَحالَهُ

بُرجاً تُشَيِّدُهُ النَبيطُ القَرمَدا

وَإِذا يَلوثُ لُغامَهُ بِسَديسِهِ

ثَنّى فَهَبَّ هِبابَهُ وَتَزَيَّدا

وَكَأَنَّهُ هِقلٌ يُباري هِقلَهُ

رَمداءَ في خيطٍ نَقانِقَ أَرمَدا

أَمسى بِذي العَجلانِ يَقرو رَوضَةً

خَضراءَ أَنضَرَ نَبتُها فَتَرَأَّدا

أَذهَبتُهُ بِمَهامِهٍ مَجهولَةٍ

لا يَهتَدي بُرتٌ بِها أَن يَقصِدا

مَن مُبلِغٌ كِسرى إِذا ما جاءَهُ

عَنّي مَآلِكَ مُخمِشاتٍ شُرَّدا

آلَيتُ لا نُعطيهِ مِن أَبنائِنا

رُهناً فَيُفسِدَهُم كَمَن قَد أَفسَدا

حَتّى يُفيدَكَ مِن بَنيهِ رَهينَةً

نَعشٌ وَيَرهَنَكَ السَماكُ الفَرقَدا

إِلّا كَخارِجَةَ المُكَلِّفِ نَفسَهُ

وَاِبنَي قَبيصَةَ أَن أَغيبَ وَيَشهَدا

أَن يَأتِياكَ بِرُهنِهِم فَهُما إِذاً

جُهِدا وَحُقَّ لَخائِفٍ أَن يُجهَدا

كَلّا يَمينَ اللَهِ حَتّى تُنزِلوا

مِن رَأسِ شاهِقَةٍ إِلَينا الأَسوَدا

لَنُقاتِلَنَّكُمُ عَلى ما خَيَّلَت

وَلَنَجعَلَنَّ لِمَن بَغى وَتَمَرَّدا

ما بَينَ عانَةَ وَالفُراتِ كَأَنَّما

حَشَّ الغُواةُ بِها حَريقاً موقَدا

خُرِبَت بُيوتُ نَبيطَةٍ فَكَأَنَّما

لَم تَلقَ بَعدَكَ عامِراً مُتَعَهِّدا

لَسنا كَمَن جَعَلَت إِيادٌ دارَها

تَكريتَ تَمنَعُ حَبَّها أَن يُحصَدا

قَوماً يُعالِجُ قُمَّلاً أَبناؤُهُم

وَسَلاسِلاً أُجُداً وَباباً مُؤصَدا

جَعَلَ الإِلَهُ طَعامَنا في مالِنا

رِزقاً تَضَمَّنَهُ لَنا لَن يَنفَدا

مِثلَ الهِضابِ جَزارَةً لِسُيوفِنا

فَإِذا تُراعُ فَإِنَّها لَن تُطرَدا

ضَمِنَت لَنا أَعجازُهُنَّ قُدورَنا

وَضُروعُهُنَّ لَنا الصَريحَ الأَجرَدا

فَاِقعُد عَلَيكَ التاجُ مُعتَصِباً بِهِ

لا تَطلُبَنَّ سَوامَنا فَتَعَبَّدا

فَلَعَمرُ جَدِّكَ لَو رَأَيتَ مَقامَنا

لَرَأَيتَ مِنّا مَنظَراً وَمُؤَيَّدا

في عارِضٍ مِن وائِلٍ إِن تَلقَهُ

يَومَ الهِياجِ يَكُن مَسيرُكَ أَنكَدا

وَتَرى الجِيادَ الجُردَ حَولَ بُيوتِنا

مَوقوفَةً وَتَرى الوَشيجَ مُسَنَّدا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأعشى، شعراء العصر الجاهلي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات