Skip to main content
search

أَتَطمَعُ يا عَبّاسُ في غَيرِ مَطمَعِ

بَعُدتَ دَعِ التَطلابَ مِن كَثَبٍ دَعِ

أَلَم تَرَ داوُدَ النَبِيَّ هَوَت بِهِ

حِبالُ الهَوى فيما سَمِعتَ أَو اِسمَعِ

وَمازالَ لِلناسِ الهَوى ذا عَداوَةٍ

مُضِرّاً بِهِم مُذ عَهدِ عادٍ وَتُبَّعِ

كَأَنَّ هُمومَ الجِنِّ وَالإِنسِ أُسكِنَت

فُؤادي فَما تَعدو فُؤادي وَأَضلُعي

أُنيخَت رِكابُ اللَيلِ مِن كُلِّ جانِبٍ

وَحادَت نُجومُ اللَيلِ عَن كُلِّ مَوقِعِ

وَلَو أَنَّ خَلقَ اللَهُ حَلَّت صُدورَهم

تَباريحُ ما بي سُيِّبَت كُلُّ مُرضِعِ

شَكَت ما بِها نَفسي مِنَ الشَوقِ وَالهَوى

فَقُلتُ لَقَد طالَبتِ وِدَّ مُمَنَّعِ

وَما كانَ مِنكِ العِشقُ إِلّا لَجَاجَةً

وَلَو شِئتِ لَم تَهوي وَلَم تَتَطَلَّعي

وَما هُوَ إِلّا ما تَرَينَ وَذو الهَوى

يُعالِجُ ثِقلاً فَاِصبِري أَو تَقَطَّعي

عَسى اللَهُ أَن يَرتاحَ يَوماً بِرَحمَةٍ

فيُنصِفَني مِن فاضِحي وَمُرَوِّعي

لَعَمري لَشَتّى بَينَ حَرّانَ هائِمٍ

وَبَينَ رَخِيٍّ بالُهُ مُتَوَدِّعِ

كَتَمتُ اِسمَها كِتمانَ مَن صانَ عِرضَهُ

وَحاذَرَ أَن يَفشو قَبيحُ التَسَمُّعِ

فَسَمّيتُها فَوزاً وَلَو بُحتُ بِاِسمِها

لَسُمّيتُ بِاِسمٍ هائِلِ الذِكرِ أَشنَعِ

فَوا حَسرَتي إِن نُحتُ لَم تُقضَ نَهمَتي

وَلَم يُغنِ عَنّي طولُ هذا التَضَرُّعِ

وَهَبتُ لَها نَفسي فَضَنَّت بِوَصلِها

فَيا لَكَ مِن مُعطٍ وَمِن مُتَمَنِّعِ

إِلَيكِ بِنَفسي أَنتِ أَشكو بَلِيَّتي

وَقَد ذُقتُ طَعمَ المَوتِ لَولا تَشَجُّعي

هَبي لي دَمي لا تَقتُليني بِلا دَمٍ

فَما يَستَحِلُّ القَتلَ أَهلُ التَوَرُّعِ

إِذا ذَكَرَتكِ العَينُ يَوماً تَبادَرَت

دُموعي عَلى الخَدَّينِ تَجري بِأَربَعِ

فيا كُلَّ هَمّي أَقطِعيني قَطيعَةً

مِنَ الوَصلِ تَبقى لي وَلَو قَدرَ إِصبَعِ

أَنا لَكِ مَملوكٌ فَإِن شِئتِ عَذِّبي

وَإِن شِئتِ مُنّي أَيَّ ذا شِئتِ فَاِصنَعي

تُريدينَ إِلّا مُشفِقاً ذا نَصيحَةٍ

فَدونَكِ حَبلَ الطائِعِ المُتَطَوِّعِ

عَلامَةُ ما بَيني وَبَينَكِ أَن تَرَي

كِتاباً عَلَيهِ فَصُّ خَتمٍ مُرَبَّعِ

مُسَلسَلَةً حافاتُهُ في لَطافَةٍ

وَفي نَقشِهِ يا أُذنَ فَوزٍ تَسَمَّعي

تَمَنَّيتُ أَن تُسقَي مِنَ الحُبِّ شَربَتي

وَأَن تَرتَعي مِن لَوعَةِ الحُبِّ مَرتَعي

وَأَن تُصبِحي صُبحي وَأَن تَتَضَجَّعي

إِذا اللَيلُ أَلقى سِترَهُ كَتَضَجُّعي

بِحَسبِ الهَوى أَن قَد بُليتُ وَأَنَّني

مَتى ما أَقُل قَد غاضَ دَمعِيَ يَهمَعِ

وَرَدتُ وَبَعضُ الوِردِ فيهِ مَرارَةٌ

حِياضَ الهَوى مِن كُلِّ أَفيَحَ مُترَعِ

فَما زِلتُ أَحسوها بِكَأَسَينِ كُلَّما

شَرِبتُ بِكَأسٍ لَم تَزَل أُختُها مَعي

أُديرُهُما مِن كُلِّ حَوضٍ إِلى فَمي

فَطَوراً لِإِدلاءٍ وَطَوراً لِمَجرَعِ

عَلى عَطَشٍ حَتّى بَدَت وَهيَ مَشرَعٌ

حَياضُ الهَوى مِن بَعدِ إيرادِ مَشرَعي

وَوَلَّيتُ قَد زَلَّت لِسُكري مَفاصِلي

أَميلُ كَجِذعِ النَخلَةِ المُتَزَعزِعِ

عباس بن الأحنف

أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي اليمامي النجدي, شاعر عربي عباسي. خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل (شعر) والنسيب والوصف، ولم يتجاوزه إلى المديح والهجاء.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024