أبدا بذكرك تنقضي أوقاتي

ديوان الشاب الظريف

أَبداً بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي

مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي

يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ

أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي

وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا

بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي

حَسْبِي مِنَ اللَّذاتِ فِيكَ صَبَابةً

عِنْدِي شُغِلْتُ بِهَا عَنِ اللَّذَّاتِ

وَرِضَايَ أَنِّي فَاعِلٌ بِرِضَاكَ ما

تَخْتارُ مِنْ مَحْوِي وَمِنْ إِثْباتي

يَا حَاضِراً غابَتْ بِهِ عُشَّاقُهُ

عَنْ كُلِّ ماضٍ في الزَّمانِ وآتِ

حَاسَبْتُ أَنْفاسِي فَلمْ أَرَ وَاحِداً

مِنْهَا خَلَا وَقْتاً مِنَ الأَوْقَاتِ

وَمُدَلَّهِينَ حَجبْتَ عَنْكَ عُقُولَهُمْ

فَهُمُ مِنَ الأَحْياءِ كَالأَمْواتِ

تَتْلو على الهَضَباتِ تَطْلُبُ ناشِداً

مِنْهُمْ كأَنَّك في ذُرَى الهَضَبَاتِ

لَمَّا بكوْا وضَحِكْتُ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ

شَأْني وَقَالوا الوَجْدُ بِالعَبراتِ

فأَظنُّهُمْ ظَنُّوا طَرِيقَكَ وَاحِداً

وَنَسوا بِأَنَّكَ جَامِعُ الأَشْتَاتِ

ما تَسْتَعِدُّ لِمَا تَفِيضُ نُفُوسُهُمْ

فَتَغَيضُ مِنْ كَمَدٍ وَمِنْ حَسَراتِ

يا قَطْرُ عُمَّ دِمَشْقَ وَاخْصُصْ مَنْزِلاً

في قاسِيُون وحَلِّهِ بِنَباتِ

وتَرَنَّمي يا وُرْقُ فيهِ ويا صَبَا

مُرِّي عَليْهِ بِأَطْيَبِ النَّفَحَاتِ

فِيهِ الرِّضَى فِيهِ المُنَى فيهِ الهُدَى

فيه أُصُولُ سَعادَتي وَحَياتِي

فيهِ الَّذي كَشَفَ العَمَى عَنْ نَاظِري

وَجَلا شُموسَ الحقِّ في مِرْآتي

فِيهِ الأَبُ البَرُّ الشَّفُوقُ فَديْتُهُ

مِنْ سَائِرِ الأَسْواءِ وَالآفاتِ

كَفٌّ تُمَدُّ بِجُودِهِ نَحْوِي وَأُخْ

رَى لِلسَّماءِ بِصَالحِ الدَّعَواتِ

وَإِذَا جَنيْتُ بِسَيِّئاتي عَدَّها

كَرَماً وإِحْساناً مِنَ الحَسَناتِ

وَإِذَا وَقَيْتُ بِوَجْنَتَيَّ نِعَالَهُ

عَدَّدْتُ تَقْصِيري مِنَ الزَّلَّاتِ

لَمْ يَرْضَ بِالتَّقْليدِ حَتَّى جَاءَ فِي ال

تَوْحِيدِ بالبُرْهَانِ وَالآياتِ

نَفْسٌ زَكَتْ وزَكَتْ بِهَا أَنْوارُها

في صُورَةٍ نَسَخَتْ صَفاءَ صِفاتِي

بَهَرتْ وَقَدْ طَهُرَتْ سَناً وتقدَّسَتْ

شَرَفاً عَنِ التَّشْبيهِ والشُّبُهاتِ

في كُلِّ أَرْضٍ لِلثَّناءِ عَليهِ مَا

يُرْوَى بِأَنْفَاسِ الصَّبَا العَبِقَاتِ

أأبي وَإِنْ جَلَّ النِّداءُ وقَلَّ مِقْ

دارِي نِداءُ العَبْدِ لِلسَّاداتِ

أَنّى التْفَتُّ رَأَيْتُ مِنْكَ مَحاسِناً

إِنْ مِلْتُ نَشْواناً فَهُنَّ سُقَاتي

وبِسِرِّكَ اسْتَأْنَسْتُ حَتَّى أَنَّني

لَمْ أَشْكُ عَنْكَ تَغرُّبي وشَتاتِي

وَإِذَا ادَّخَرْتُكَ لِلشَّدائِدِ لَمْ تَكُنْ

يَوْماً لِغَمْزِ الحادِثاتِ قَنَاتي

وَإِذَا التقيْتُ أَوْ اتَّقيْتُ بِبأْسِكَ ال

خَطْبَ المُلِمَّ وَجَدْتُ فيهِ نَجَاتي

وَأَرَى الوُجُودَ بِأَسْرِهِ رَجْعَ الصَّدَى

وَأَرَى وُجُودَكَ مَنْشأَ الأَصْواتِ

فَعَلَيْكَ مِنْكَ مَعَ الأَصَائِلِ والضُّحَى

تُتْلَى أَجَلَّ تَحِيَّةٍ وَصَلاةِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشاب الظريف، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات