Skip to main content
search

إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه

فإنّيَ داعٍ والإلهُ مجيبُ

دعاءَ امرىءٍ أحييتَ بالعُرْفِ نفسَه

وذاك دعاءٌ لا يكاد يَخيبُ

أدامَ لك اللَّهُ المكارمَ والعلا

فإنهما شيءٌ إليك حبيبُ

وأبقاكَ للمُدَّاح يُهدون مدحَهم

إليك على عِلّاتهمْ وتُثيبُ

تكشَّف ذاك الشَكوُ عنك وصرَّحَتْ

محاسنُ وجهٍ بُردهُنَّ قشيبُ

كما انكشفت عن بدرِ ليلٍ غِمامةٌ

أظلَّت وولَّتْ والمَرادُ خصيبُ

أغاثت ولم تَصْعق وإن هي أرعدت

فمات بها جَدْبٌ وعاش جديبُ

شَكاةٌ أجدَّت منك ذكرى وأنشأت

سحائبَ معروفٍ لهنّ صبيبُ

وأعقبَها بُرءٌ جديدٌ كأنه

شبابٌ رَديد شُقَّ عنه مشيبُ

وبالسَّبْكِ راقت نُقرةٌ وسبيكةٌ

وبالصقل راعَ المُنتضينَ قضيبُ

ففي كل دارٍ فرحةٌ بعد ترحةٍ

وفي كل نادٍ شاعرٌ وخطيبُ

يقولون بالفضل الذي أنت أهلُهُ

وكلهُمُ فيما يقول مُصيبُ

ولو صِين حيٌّ عن شَكاةٍ لَكُنتَهُ

ولكن لكُلٍّ في الشَّكاة نصيبُ

وفي الصبر للشَّكْوِ الممحِّص مَحملٌ

وفي اللَّه والعرفِ الجسيم طبيبُ

وأنت القريبُ الغوثِ من كل بائسٍ

دعاكَ فغوثُ اللَّهِ منك قريبُ

أبى اللّهُ إخلاءَ المكان يَسُدّهُ

فتىً مَا لَهُ في العالمين ضَريبُ

أعاذك أُنْسُ المجدِ من كلِّ وحشةٍ

فإنك في هذا الأنامِ غريبُ

وتاب إليك الدهرُ من كل سَيِّئٍ

وجاءك يسترضيك وهو مُنيبُ

ولازال للأَعداء في كلِّ حالةٍ

وللمالِ يومٌ من يديك عصيبُ

ابن الرومي

هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي شاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي، تميز ابن الرومي بصدق إحساسه، فأبتعد عن المراءاة والتلفيق، وعمل على مزج الفخر بالمدح، وفي مدحه أكثر من الشكوى والأنين وعمل على مشاركة السامع له في مصائبه، وتذكيره بالألم والموت، كما كان حاد المزاج، ومن أكثر شعراء عصره قدرة على الوصف وابلغهم هجاء،

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024