Skip to main content
search

كم جارعٍ جُرَعَ المكاره عالما

أنَّ المكارهَ يكتسين مَكارما

يا صاحباً رضي النذالةَ صاحباً

وغدا يعدُّ مؤاكليه أراقما

قد كان للجودِ المُبيَّن حاتمٌ

وأراك للبخل المُبيَّنِ حاتما

أبغضتَ من طَعِمَ الطَّعامَ فريقُه

سمٌّ لديك فما تُجاِمُل طاعما

أَإِنِ اصطبغتُ ولُقمتي معضُوضَةٌ

أنشأتَ تَهْجوني بذلك ظالما

عيْبٌ لعمرك غير أنْ لم آتِه

عمداً فهبني هافياً لا جارما

ولأنت إذ راعيتَ كفَّ مُؤاكِلٍ

أوْلى بأن تُهْجَى وأكثرُ لائما

بعضَ النِّفارِ من البُصاق فربَّما

غُذِيَتْ به استُك باركاً أو قائما

ما زلتَ تُنْكَحُ في شبابك غانماً

والآن تُنْكَحُ في مشيبك غارما

وكذا المُؤاجِرُ في الشبيبةِ لايني

أبداً له دُبُرٌ يردُّ مظالما

قبحَ الإله معاشراً لم يسلموا

مما يعيبُهُمُ فعابوا السَّالما

رشفُوا المنِيَّ من الفياشِ وحرَّموا

ريقَ الصديقِ مُؤاكِلاً ومنادما

اعلمْ ويأبى فرطُ جَهْلِكَ أنْ تُرَى

ما عِشْتَ إلا جاهلاً لا عالما

أن قد نزعتُ عن انبساطي نادماً

ولتنزعنَّ عن اعتدائك نادما

لو كان ريقي مثلَ ريقك قاتلاً

ألفيتني متنبهاً لا نائما

وخَشيتُ ربي أن أسُمَّ مُوَحِّداً

ظُلْماً فأكْتَسِبَ العذاب الدائما

لكنّهُ ريقٌ وثِقتُ بِطُهْرِهِ

ثقةً سهوتَ لها فثُرتَ مخاصما

هلّا لقيتُكَ عند أوَّلِ زلَّةٍ

مِنِّي كريمَ العفْو أو مُتكارما

لكنْ أبى كرمَ اللِّئامِ مُدَبِّرٌ

منع الخوافي أن تكونَ قوادما

فاسفُلْ سفالَك ما حييتَ فلم تَكُنْ

لتكونَ أعقابُ الرجالِ جماجما

ابن الرومي

هو أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي شاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي، تميز ابن الرومي بصدق إحساسه، فأبتعد عن المراءاة والتلفيق، وعمل على مزج الفخر بالمدح، وفي مدحه أكثر من الشكوى والأنين وعمل على مشاركة السامع له في مصائبه، وتذكيره بالألم والموت، كما كان حاد المزاج، ومن أكثر شعراء عصره قدرة على الوصف وابلغهم هجاء،

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024