كم جارع جرع المكاره عالما

ديوان ابن الرومي

كم جارعٍ جُرَعَ المكاره عالما

أنَّ المكارهَ يكتسين مَكارما

يا صاحباً رضي النذالةَ صاحباً

وغدا يعدُّ مؤاكليه أراقما

قد كان للجودِ المُبيَّن حاتمٌ

وأراك للبخل المُبيَّنِ حاتما

أبغضتَ من طَعِمَ الطَّعامَ فريقُه

سمٌّ لديك فما تُجاِمُل طاعما

أَإِنِ اصطبغتُ ولُقمتي معضُوضَةٌ

أنشأتَ تَهْجوني بذلك ظالما

عيْبٌ لعمرك غير أنْ لم آتِه

عمداً فهبني هافياً لا جارما

ولأنت إذ راعيتَ كفَّ مُؤاكِلٍ

أوْلى بأن تُهْجَى وأكثرُ لائما

بعضَ النِّفارِ من البُصاق فربَّما

غُذِيَتْ به استُك باركاً أو قائما

ما زلتَ تُنْكَحُ في شبابك غانماً

والآن تُنْكَحُ في مشيبك غارما

وكذا المُؤاجِرُ في الشبيبةِ لايني

أبداً له دُبُرٌ يردُّ مظالما

قبحَ الإله معاشراً لم يسلموا

مما يعيبُهُمُ فعابوا السَّالما

رشفُوا المنِيَّ من الفياشِ وحرَّموا

ريقَ الصديقِ مُؤاكِلاً ومنادما

اعلمْ ويأبى فرطُ جَهْلِكَ أنْ تُرَى

ما عِشْتَ إلا جاهلاً لا عالما

أن قد نزعتُ عن انبساطي نادماً

ولتنزعنَّ عن اعتدائك نادما

لو كان ريقي مثلَ ريقك قاتلاً

ألفيتني متنبهاً لا نائما

وخَشيتُ ربي أن أسُمَّ مُوَحِّداً

ظُلْماً فأكْتَسِبَ العذاب الدائما

لكنّهُ ريقٌ وثِقتُ بِطُهْرِهِ

ثقةً سهوتَ لها فثُرتَ مخاصما

هلّا لقيتُكَ عند أوَّلِ زلَّةٍ

مِنِّي كريمَ العفْو أو مُتكارما

لكنْ أبى كرمَ اللِّئامِ مُدَبِّرٌ

منع الخوافي أن تكونَ قوادما

فاسفُلْ سفالَك ما حييتَ فلم تَكُنْ

لتكونَ أعقابُ الرجالِ جماجما

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

بديع الزمان الهمذاني – المقامة المضيرية

”” حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ، وَمَعِي أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَرِيُّ رَجُلُ الفَصَاحَةِ يَدْعُوهَا فَتُجِيبُهُ، وَالبَلاغَةِ يَأَمُرُهَا فَتُطِيعُهُ، وَحَضَرْنَا مَعْهُ دَعْوَةَ بَعْضِ التُّجَّارِ، فَقُدِمَتْ…

تعليقات