Skip to main content
search

رَأَيتُكَ فيما يُخطِئُ الناسُ تَنظُرُ

وَرَأسُكَ مِن ماءِ الخَطيئةِ يَقطُرُ

تَوارى بِجُدرانِ البُيوتِ عَنِ الوَرى

وَأَنتَ بِعَينِ اللَهِ لَو كُنتَ تَشعُرُ

وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها

وَلَم تَخشَ عَينَ اللَهِ وَاللَهُ يَنظُرُ

وَكَم مِن قَبيحٍ قَد كَفى اللَهُ شَرَّهُ

أَلا إِنَّهُ يَعفو القَبيحَ وَيَستُرُ

إِلى كَم تَعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى

وَأَنتَ إِذا مَرَّ الهَوى بِكَ تُبصِرُ

إِذا ما دَعاكَ الرُشدُ أَحجَمتَ دونَهُ

وَأَنتَ إِلى ما قادَكَ الغَيُّ تَبدُرُ

وَلَيسَ يَقومُ الشُكرُ مِنكَ بِنِعمَةٍ

وَلَكِن عَلَيكَ الشُكرُ إِن كُنتَ تَشكُرُ

وَما كُلُّ ما لَم تَأتِ إِلّا كَما مَضى

مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ

وَماهِيَ إِلّا تَرحَةٌ بَعدَ فَرحَةٍ

كَذالِكَ شُربُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ

كَأَنَّ الفَتى المُغتَرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ

تَروحُ عَلَيهِ الحادِثاتُ وَتَبكُرُ

أَجَدَّكَ أَمّا كُنتَ وَاللَهوُ غالِبٌ

عَلَيكَ وَأَمّا السَهوُ مِنكا فَيَكثُرُ

وَأَمّا بَنو الدُنيا فَفي غَفَلاتِهِم

وَأَمّا يَدُ الدُنيا فَتَفري وَتَجزُرُ

وَأَمّا جَميعُ الخَلقِ فيها فَمَيِّتٌ

وَلَكِنَّ آجالاً تَطولُ وَتَقصُرُ

لَهَوتَ وَكَم مِن عِبرَةٍ قَد حَضَرتَها

كَأَنَّكَ عَنها غائِبٌ حينَ تَحضُرُ

تَمَنّى المُنى وَالريحُ تَلقاكَ عاصِفاً

وَفَوقَكَ أَمواجٌ وَتَحتَكَ أَبحُرُ

أَلَم تَرَ يا مَغبونُ ما قَد غُبِنتَهُ

وَأَنتَ تَرى في ذاكَ أَنَّكَ تَتجُرُ

خُدِعتَ عَنِ الساعاتِ حَتّى غُبِنتَها

وَغَرَّتكَ أَيّامٌ قِصارٌ وَأَشهُرُ

فَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني

وَيا عامِرَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَعمُرُ

وَمالَكَ إِلّا الصَبرُ وَالبِرُّ عُدَّةٌ

وَإِلّا اعتِبارٌ ثاقِبٌ وَتَفَكُّرُ

أبو العتاهية

إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي ، أبو إسحاق ولد في عين التمر سنة 130هـ/747م، ثم انتقل إلى الكوفة، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، ثم انتقل إلى بغداد، واتصل بالخلفاء، فمدح الخليفة المهدي والهادي وهارون الرشيد. أغر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار بن برد وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024