رأيتك فيما يخطئ الناس تنظر

ديوان أبو العتاهية

رَأَيتُكَ فيما يُخطِئُ الناسُ تَنظُرُ

وَرَأسُكَ مِن ماءِ الخَطيئةِ يَقطُرُ

تَوارى بِجُدرانِ البُيوتِ عَنِ الوَرى

وَأَنتَ بِعَينِ اللَهِ لَو كُنتَ تَشعُرُ

وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها

وَلَم تَخشَ عَينَ اللَهِ وَاللَهُ يَنظُرُ

وَكَم مِن قَبيحٍ قَد كَفى اللَهُ شَرَّهُ

أَلا إِنَّهُ يَعفو القَبيحَ وَيَستُرُ

إِلى كَم تَعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى

وَأَنتَ إِذا مَرَّ الهَوى بِكَ تُبصِرُ

إِذا ما دَعاكَ الرُشدُ أَحجَمتَ دونَهُ

وَأَنتَ إِلى ما قادَكَ الغَيُّ تَبدُرُ

وَلَيسَ يَقومُ الشُكرُ مِنكَ بِنِعمَةٍ

وَلَكِن عَلَيكَ الشُكرُ إِن كُنتَ تَشكُرُ

وَما كُلُّ ما لَم تَأتِ إِلّا كَما مَضى

مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ

وَماهِيَ إِلّا تَرحَةٌ بَعدَ فَرحَةٍ

كَذالِكَ شُربُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ

كَأَنَّ الفَتى المُغتَرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ

تَروحُ عَلَيهِ الحادِثاتُ وَتَبكُرُ

أَجَدَّكَ أَمّا كُنتَ وَاللَهوُ غالِبٌ

عَلَيكَ وَأَمّا السَهوُ مِنكا فَيَكثُرُ

وَأَمّا بَنو الدُنيا فَفي غَفَلاتِهِم

وَأَمّا يَدُ الدُنيا فَتَفري وَتَجزُرُ

وَأَمّا جَميعُ الخَلقِ فيها فَمَيِّتٌ

وَلَكِنَّ آجالاً تَطولُ وَتَقصُرُ

لَهَوتَ وَكَم مِن عِبرَةٍ قَد حَضَرتَها

كَأَنَّكَ عَنها غائِبٌ حينَ تَحضُرُ

تَمَنّى المُنى وَالريحُ تَلقاكَ عاصِفاً

وَفَوقَكَ أَمواجٌ وَتَحتَكَ أَبحُرُ

أَلَم تَرَ يا مَغبونُ ما قَد غُبِنتَهُ

وَأَنتَ تَرى في ذاكَ أَنَّكَ تَتجُرُ

خُدِعتَ عَنِ الساعاتِ حَتّى غُبِنتَها

وَغَرَّتكَ أَيّامٌ قِصارٌ وَأَشهُرُ

فَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني

وَيا عامِرَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَعمُرُ

وَمالَكَ إِلّا الصَبرُ وَالبِرُّ عُدَّةٌ

وَإِلّا اعتِبارٌ ثاقِبٌ وَتَفَكُّرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات