Skip to main content
search

تَراءت لنا بالأبرَقَيْن بُروقُ

شُروقٌ لأفقٍ غابَ عنه شُروقُ

كأنّ نجومَ الليل دُرٌّ وبينها

تلألؤ إيماضِ الوميضِ بروقُ

وَما خلتُ إلّا الوَرْسَ في الأفقِ إنّه

متى لم يَكُنْهُ الورس فَهْوَ خَلوقُ

كأنّ نجيعاً خالط الجوَّ أو جَرَتْ

لنا بين أثناء الغمامِ رحيقُ

يلوح ويخفى ثم يدنو وينتئي

ويوسع من مجراه ثمّ يضيقُ

فما خفقتْ إِلّا كذاك جوانحٌ

ولا نبضتْ إلّا كذاك عروقُ

وشوّقنِي إيماضُه نحو أوجهٍ

لهنّ سناءٌ والمشوقُ مشوقُ

ودون اللّوى ظبْيٌ له كلُّ ما هوى

عَلوقٌ بحبّاتِ القلوب لَصوقُ

له حكمُهُ منّي ومن دون عَطفه

عليَّ غزيرُ اللُّجَّتين عميقُ

وأولَعُ بالبُقيا عليه وما له

إلى جانب البُقيا عليَّ طريقُ

وما وَعدُهُ إلّا اِختلاجةُ خُلَّبٍ

وَإِلّا سرابٌ بالفلاةِ خَفوقُ

فمن لستُ مودوداً إليه أودّه

وَمَن ليس مشتاقاً إليَّ يشوقُ

وإنّي على مَن لا هوادَة عنده

ولا شَفَقٌ منه عليَّ شفيقُ

فيا داءَ قلبي ما أراك تُغِبُّنِي

ويا سُكرَ قلبي ما أراك تفيقُ

بنفسِيَ من ودّعتُه يومَ ضارجٍ

وجَفنِيَ من فيضِ الدّموعِ غريقُ

وكلّفنِي من ثِقْلِ يومِ وداعِهِ

بلابلَ لا يسطيعهنَّ مطيقُ

يُغِلْنَ اِعتزامَ المرءِ وهْوَ مصمّمٌ

ويَهْدِمْنَ ركن الصّبر وهو وثيقُ

وليلةَ بِتْنا وهو حانٍ على الهوى

بعيدُ النّوى شَحْطَ الأذاة سحيقُ

وقد ضلَّ فيه الكاشحون وقُطّعتْ

عوائقُ كانت قبل ذاك تعوقُ

ونحن كما شاء العدوّ فإنّه

شَجٍ بالّذي نهوى وشاء صديقُ

فعَرْفُ الوصالِ يومَ ذاك مُنَشَّرٌ

وعذبُ المُنى صِرْفٌ هناك مَذوقٌ

فَلم تَك إلّا عفّةٌ ونزاهةٌ

وَإِلّا اِشتكاءٌ للغرامِ رقيقُ

وَإِلّا اِنتجاءٌ بالهوى وتحدّثٌ

صقيلُ حواشي الطُّرَّتين أنيقُ

عليه من الجاديّ فَغْمةُ نَشرةٍ

وَفيهِ ذكيُّ المَنْدَلِيِّ سَحيقُ

فَما زالَ منّا ظامئُ الحبِّ ناقعاً

إلى أن تبدّتْ للصّباحِ فتوقُ

وَأَقبل مَوْشِيَّ القميص إذا بدا

وكلّ أسيرٍ بالظّلام طليقُ

يقوِّض أطنابَ الدّياجي كأنّما

ترحّل من بعض الدّيار فريقُ

فَما هو إلّا قُرحةٌ لدُجُنَّةٍ

وَإلّا فَرأسٌ للظّلامِ حليقُ

وَشُرِّد بِالبطحاءِ حتّى كأنّه

بِكارُ فلاةٍ راعهنَّ فنيقُ

فإن لم يكن ثغرُ الدُّجى متبسّماً

فسيفُك يا أُفقَ الصّباحِ ذَلوقُ

وإن لم يكن هذا الصّباح بعينه

فجانبُ شرق الرّكب فيه حريقُ

فلم يبقَ للسّاري سُرىً في لبانةٍ

ولا لِطَروقٍ للرِّحالِ طُروقُ

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024