Skip to main content
search

إنّا نُعلّلُ كلّنا بمحالِ

ونُغَرُّ بالغدوات والآصالِ

وكأنّنا نرعى القَواءَ من الطَّوى

أبداً ونكرع من ظماً في آلِ

يهوى الفتى طول البقاء ودونه

وَلَعُ الرّدى وتعرّضُ الآجالِ

وتقوده آمالُه ووراءَها

قَدَرٌ يحطّم غَرْبَةَ الآمالِ

والمرءُ بين مصيبةٍ في النفس أو

في الأهل أو في الحال أو في المالِ

ولئنْ عفتْ عنه الحوادث إنّه

رهنٌ لبعض تقلّبِ الأحوالِ

وسجيّةٌ للدّهر في أبنائِهِ

إِلحاقُ كلِّ مؤثَّلٍ بزوالِ

للَّه مُفتَقَدٌ تحيّف فقدُهُ

من جانبيَّ وحزّ في أوصالِي

وأصمّ ناعيه الغداة مسامعي

ورمى سوادَ جوانحي بخَبالِ

وأزارني وفدَ الهموم يسمْنَنِي

شَطَطَ المُنى فينلْن كلَّ مَنالِ

وأباتَنِي قَلِقَ الوساد كأنّني اِس

تَبْطَنْتُ للجنبين شوكَ سَيالِ

يبدو غَرامي والتّجلّدُ مقصدي

ويُجيبني دمعي بغير سؤالِ

ومتى طلبتُ الصّبر عنه وجدتُه

في حَيِّزِ الإعوازِ والإقلالِ

يا نازحاً غدرتْ به غدّارةٌ

لا يُتَّقَى مكروهها بنزالِ

طالتْ به أيدي الخطوب ورُزؤُه

أبقى ذُرا العلياء غير طوالِ

رَفَعوا جَوانب نعشه فكأنّما

رفعوا به جبلاً من الأجبالِ

وطوَوْا عليه صفائحاً ما نُضِّدَتْ

إلّا على الإنعامِ والإفضالِ

وأرَوْه غيرَ مضاجعٍ لدنيّةٍ

ونَعَوْه غيرَ مدنَّسِ الأذيالِ

وتصدّعوا عن جانبيه وإنّه

عَطَنُ الوفودِ ومجمعُ الأقوالِ

مَنْ للذّمارِ إذا الفحولُ تهادَرَتْ

وخلطن بين تخبّطٍ وصِيالِ

مَنْ للوفود تصامتوا عن حجّةٍ

مَنْ للخصومِ تفارغوا لجدالِ

مَنْ للضّرِيك إذا غدا في أزْمَةٍ

صِفْرَ اليدين وراح بالأموالِ

مَنْ للجيوش يقودها فيُعيدها

محفوفةً بالسَّبْىِ والأنفالِ

مَنْ للخيولِ يُثيرها مِقْوَرَّةً

مثلَ الدَّبى هاجَتْهُ ريحُ شمالِ

مَنْ للقَنا يروي صدورَ صِعاده

في كلِّ رَوْعٍ من دمِ الأبطالِ

مَنْ للسّيوف يفلّ حدَّ شفارها

بالضّربِ بين كواهلٍ وقِلالِ

كشفتْ بطونُ الأرضِ شمس ظهورها

واِستَضجعتْ جوّاً لها في جالِ

هيهات ضلّ عن القضاءِ وصرفِهِ

كيدُ الشّجاعِ وحيلةُ المحتالِ

أَأبا عليٍّ لن تُراعَ بمثلها

فاِصبِرْ لها ولَصَبْرُ غيرك غالِ

يا حاملَ الأثقالِ ما حُمّلْتَه

ثِقلٌ وليس كسائر الأثقالِ

فذُدِ الدّموع عن الجفون وطالما

جمدتْ فلم تقطرْ على الأهوالِ

ومتى طوى عنك السُّلوُّ سبيلَه

فاِلبَسْ لمن يلقاك ثوبَ السّالي

وتعزَّ عمّنْ لا يعزّي بعدهُ

إلّا مكارمُ أُبقيتْ ومعالي

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024