Skip to main content
search

قُل لِلخَيالِ إِذا أَرَدتَ فَعاوِدِ

تُدنِ المَسافَةَ مِن هَوىً مُتَباعِدِ

فَلَأَنتَ في نَفسي وَإِن عَنَّيتَني

وَبَعَثتَ لي الأَشجانَ أَحلى وافِدِ

باتَت بِأَحلامِ النِيامِ تَغُرُّني

رودُ التَثَنّى كَالقَضيبِ المائِدِ

ضاهَت بِحُلَّتِها تَلَهُّبَ خَدِّها

حَتّى اِغتَدَت في أُرجُوانٍ جاسِدِ

لِتَجُد أَهاضيبُ السَحابِ عَلى اللِوى

وَعَلى تَناضُرِ نَبتِهِ المُستَأسِدِ

كانَ الوِصالُ بُعَيدَ هَجرٍ مُنقَضٍ

زَمَنَ اللِوى وَقُبَيلَ بَينٍ آفِدِ

ما كانَ إِلّا لَفتَةً مِن ناظِرٍ

عَجِلٍ بِها أَو نَهلَةً مِن وارِدِ

هَل أَنتَ مِن بَرحِ الصَبابَةِ عاذِري

أَم أَنتَ مِن شَكوى الصَبابَةِ عائِدي

شَوقٌ تَلَبَّسَ بِالفُؤادِ دَخيلُهُ

وَالشَوقُ يُسرِعُ في الفُؤادِ الواجِدِ

قَصَدَت لِنَجرانِ العِراقِ رِكابُنا

فَطَلَبنَ أَرحَبَها مَهَلَّةَ ماجِدِ

اَلَيتُ لا يَثنينَ جَدّاً صاعِداً

في مَطلَبٍ حَتّى يُنِخنَ بِصاعِدِ

خِرقٌ أَضافَ إِلَيهِ عُليا مَذحِجٍ

حَسَبٌ تَناصَرَ كَالشِهابِ الواقِدِ

كَسَبَ المَخامِدَ في زَمانٍ لَم يَبِت

راجي الصَريفِيّنَ فيهِ بِحامِدِ

أَيهاتَ يَلحَقُ مِن غُبارِكِ لَمحَةً

وَلَوَ اَنَّ في يَدِهِ عِنانَ الذائِدِ

رَغِبَت بِنَفسِكَ عَن خَساسَةِ نَفسِهِ

شِيَمٌ رَغِبنَ بِمَخلَدٍ عَن خالِدِ

وَيَرُدُّ غَربَ مُساجِليكَ إِذا غَلَوا

سَعيٌ أَطَلتَ بِهِ عَناءَ الحاسِدِ

جَهِدوا عَلى أَن يَلحَقوكَ وَأَفحَشُ ال

حِرمانِ يُقدَرُ لِلحَريصِ الجاهِدِ

نَبَّهتَ ديوانَ الضِياعِ وَقَد عَلَت

أَسبابَهُ سِنَةُ الحَسيرِ الهاجِدِ

بِصَريمَةٍ كَالسَيفِ هَزَّ غِرارَهُ

ماضي الجَنانِ بِهِ طَويلُ الساعِدِ

وَإِذا قَسَطتَ عَلى العَزيزِ صَغا بِهِ

ذُلٌّ إِلَيكَ وَطاعَ غَيرَ مُعانِدِ

وَإِذا طَلَبتَ الفَيءَ طيرَ بِقائِمٍ

مِمَّن تُطالِبُهُ وَقيمَ بِقاعِدِ

لِلَّهِ أَنتَ ضِياءُ خَطبٍ مُظلِمٍ

حَتّى اِنجَلى وَصَلاحُ أَمرٍ فاسِدِ

كَم نِعمَةٍ لَكَ لَم تَخَلها تَلتَوي

باتَت تَقَلقَلُ طَوعَ بَيتٍ شارِدِ

سَيَّرتَ عاجِلَ ذِكرِها بِغَرائِبٍ

يَطلُبنَ قاصِيَةَ المَدى المُتَباعِدِ

وَأَرى المُقِرَّ بِنِعمَةٍ ما لَم يَسِر

في الناسِ حُسنُ حَديثِها كَالجاحِدِ

لي ما عَلِمتَ مِنَ اِتِّصالِ مَوَدَّةٍ

وَمُقَدِّماتِ رَسائِلٍ وَقَصائِدِ

وَأَقَلُّ ما بَيني وَبَينَكَ أَنَّنا

نَرمي القَبائِلَ عَن قَبيلٍ واحِدِ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024