Skip to main content
search

ما لِلكَبيرِ في الغَواني مِن أَرَب

ماتَ الهوى فَلا جَوىً وَلا طَرَب

يا رَبَّةَ الخِدرِ قَري راضيَةً

فَإِن أَبَيتِ فَاِتلَفي مِنَ الغَضَب

هَيهاتِ لا آسى عَلى فَقدِ الصِبا

وَلا يُرى دَمعي لِشَوقٍ يَنسَكِبُ

كانَ الهوى خِدني فَقَد وَدَّعتُهُ

وَقَلَّما يَعودُ شَيءٌ قَد ذَهَب

وَرُبَّ يَومٍ قَصَّرَتهُ خَلوَتي

بِفاتِرِ الطَرفِ خَلوبٍ مُختَلَب

يَسلُبُني عَقلي بِحُسنِ وَجهِهِ

وَهوَ منَ الإِعجابِ بي كَالمُستَلَب

كَأَنَّما هاروتُ في أَجفانِّهِ

يُنصِفُ إِن شاءَ وَإِن شاءَ غَصَب

مُهَفهَفٌ يَرتَجُّ في أَقطارِهِ

كَمازَفَت ريحٌ بِآجامِ قَصَب

لَم أَدرِ ما أَسكَرَني أَطَرفُهُ

أَم الَّتي يَدعونَها بِنتُ العِنَب

كَأَنَّما الدُرَّةُ ماءُ وَجهِهِ

وَجِسمُهُ أَحسَنُ مِن ماءِ الذَهَب

تَحسِبُها في كَأسِها ياقوتَةً

أَو قَبَساً أُلهِبَ عَمداً فَاِلتَهَب

هَذا لِذا وَالفَتحُ مِفتاحُ النَدى

وَزَهرَةُ الدُنيا وَيَنبوعُ الأَدَب

يَرضى فَيَرمي بِاللُهى سَماحَةً

وَيَغضَبُ المَوتُ إِذا الفَتحُ غَضِب

أُنظُر إِلى آثارِهِ عِندَ اللُهى

تَنظُر إِلى آثارِ غَيثٍ في عُشُب

لَو قيلَ لِلمَجدِ اِنتَسِب إِلى اِمرِئٍ

لَم تُلفِهِ إِلّا إِلَيهِ يَنتَسِب

لَيثٌ وَغَيزٌ وَجَوادٌ ماجِدٌ

كَفّاهُ بِالأَموالِ تَحبو وَتَهَب

طوبى لِمَن والى أَبو مُحَمَّدٍ

وَقُل لِمَن عادى تأَهَّب لِلعَطَب

طاعاتُهُ فَرضٌ فَإِن عَصَيتَهُ

كُنتَ بِعِصيانِكَ لِلنارِ حَطَب

يا مادِحَ الفَتحِ وَيا آمِلَهُ

لَستَ اِمرَأً خابَ وَلا مُثنٍ كَذَب

إِذا كَساني الفَتحُ أَثوابَ الغِنى

فَكُسوَتي إياهُ مَدحٌ مُنتَخَب

قَصائِدٌ يَطرَبُ مَن تُهدى لَهُ

وَلَذَّةُ النَفسِ مِنَ العَيشِ الطَرَب

لَم أَستَعِر حِليَتَها يَوماً وَلا

أَغَرتُ حينَ قُلتُها عَلى الكُتُب

جاءَت كَدُرٍّ في سِماطِ لُؤلُؤٍ

في جيدِ خَودٍ أَو كَعِقيانِ الذَهَب

سِحرٌ حَلالٌ لَم أُؤَلِّف عِقدَهُ

إِلّا لِتَعلو رُتبَتي عَلى الرُتَب

وَكَيفَ لا يَأمُلُ راجيكَ الغِنى

وَأَنتَ رَأسُ المَجدِ وَالناسُ ذَنَب

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024