Skip to main content
search

إِنَّ الأَميرَ أَبا عَلِيٍّ أَصبَحَت

كَفّاهُ قَد حَوَتِ المَكارِمَ وَالعُلا

حاطَ الخِلافَةَ ذائِداً عَن عِزِّها

وَكَفى الخَليفَةَ ما أَهَمَّ وَأَعضَلا

سَيفٌ عَلى أَعدائِهِ لا تَنجَلي

ظُلَمُ الخُطوبِ السودِ حَتّى يُجتَلى

تَثني بَوادِرُهُ الأَناةُ وَرُبَّما

سارَت عَزيمَتُهُ فَكانَت جَحفَلا

تَقِفُ المَوالي حَجرَتَيهِ فَإِن غَدا

أَغدى لُيوثاً ما تُرامُ وَأَشبُلا

قَد جَرَّبَ الأَعداءُ مِن وَقعاتِهِ

ما كَفَّ غَربَ الخالِعينَ وَنَكَّلا

كَم سادِرٍ في الغِيِّ ذَمَّ فِعالَهُ

لَمّا هَوى تَحتَ السيوفِ مُجَدَّلا

كَأَبي نُمَيرٍ إِذ تَتابَعَ غُيُّهُ

وَغَلا بِهِ مِن فَرطِ بَغيٍ ما غَلا

قَطَعَتهُ وَقعَةُ مَشرَفِيٍّ سارِمٍ

أَعيا لَها جُثمانُهُ أَن يوصَلا

وَغَدَت بِهِ نِصفَينِ قَد فُصِلا عَلى

حَدَقٍ تَوَخّى قاسِمٍ أَن يُعدِلا

يَتَأَمَّلُ الأَقوامُ إِذ حَدَقوا بِهِ

نِصفَينِ رَيُّهُما يَرَونَ الأَطوَلا

قَد قُلتُ لِلعَرَبِ اِشكُروا ذا أَنعُمٍ

أَولاكُموها صافِحاً وَمُنَوِّلا

عَجِلَت مَواهِبُهُ لَكُم فَتَسَرَّعَت

وَتَثَبَّتَت خُطُواتُهُ أَن تَعجَلا

حَقَنَ الدِماءَ وَلَو يَشاءُ هَراقَها

جَزَلَ العَطايا حامِلاً ما حُمِّلا

صَلُحَت بِهِ أَسبابُ قَومٍ لَم يَكُن

إِلّا اِلتُقى بِصَلاحِها مُتَكَفِّلا

شَمَلَ الثُغورَ بِضيمَةٍ مِن جودِهِ

سَمحٍ وَذَلَّلَ حِمصَ فيما ذَلَّلا

أَصحَبتُهُ أَمَلي وَمِثلُ خِلالِهِ

كَرُمَت فَأَعطَت راغِباً ما أَمَّلا

وَرَجَوتُ أَن يُعطى بِقِسطِ فُتوحِهِ

فَيُخَوِّلَ الشاماتِ فيما خُوِّلا

لِيُقَوِّمَ المُعوَجَّ مِن تَدبيرِها

وَيُعيدَ مُدبِرَ كُلِّ أَمرٍ مُقبِلا

وَلَرُبَّ رُتبَةِ سُؤدَدٍ شَفَعَت بِهِ

مِن قَبلِ أَن يُدعى لَها وَيُؤَهَّلا

كانَ السَحابُ مُجانِباً لِبِلادِنا

حَتّى قَدِمتَ فَجادَ فيهِ وَأَسبَلا

فَاِسلَم لَنا طولَ الحَياةِ مُؤَمَّراً

وَمُؤَمِّلاً وَمُعَظَّماً وَمُبَجَّلا

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024