Skip to main content
search

وَجَدتُ الناسَ كَالأَرضَينِ شَتّى

فَمِن دَمِثٍ يُرَيِّعُ أَو حِرارِ

جَليسُ الخَيرِ كَالداري أَلقى

لَكَ الرَيّا كَمُنتَسَمِ العَرارِ

وَلَكِن ضِدُّهُ في الرَبعِ قَينٌ

أَطارَ إِلَيكَ مُفتَرِقَ الشَرارِ

يُباكِرُ ظالِمٌ جَنَفاً وَعَرّاً

كَما بَكَرَ الظَليمُ عَلى العِرارِ

وَحُبُّ العَيشِ أَعبَدَ كُلَّ حُرٍّ

وَعَلَّمَ ساغِباً أَكلَ المُرارِ

يُوَقِّرُهُ الكَرى فَيَقَرُّ طَوراً

وَيَمنَعُهُ الحِذارُ مِنَ القَرارِ

أَلاحَ فَلَم يَعُج بِغَرارِ نَومٍ

لِبَيضاتٍ وَضِعنَ عَلى غِرارِ

فَما لِلمَينِ يُنطَقُ بِالتَنادي

وَما لِلحَقِّ يُهمَسُ في السَرارِ

أَصاحِ كَأَنَّ هَذا الدَهرَ شَهرٌ

خُلِقنا مِنهُ في لَيلِ السِرارِ

وَكَم عادٍ أَبادَ وَكَم ثَمودٍ

أَتاها صالِحٌ ذاتَ المِرارِ

فَمَهلاً يا مُتَمِّمُ إِنَّ فِهراً

حَوَت مِن ما لِكٍ دِيَةَ الفُرارِ

عِتابُكَ خالِدٌ لَم يُجدِ شَيئاً

وَلا نَصُّ المَلامِ إِلى ضِرارِ

لَجَأتُ إِلى السُكوتِ مِنَ التَلاحي

كَما لَجَأَ الجَبانُ إِلى الفِرارِ

وَيَجمَعُ مِنِّيَ الشَفَتَينِ صَمتي

وَأَبخَلُ في المَحافِلِ بِاِفتِراري

وَكانَ تَأَنُّسي بِهِمُ قَديماً

عِثاراً حُمَّ في شَأوِ اِغتِراري

يَئِستُ مِن اِكتِسابِ الخَيرِ لَمّا

رَأَيتُ الخَيرَ وُفُّرَ لِلشِرارِ

وَلَم نَحلُل بِدُنيانا اِختِياراً

وَلَكِن جاءَ ذاكَ عَلى اِضطِرارِ

أبو العلاء المعري

أبو العلاء المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024