ميلاد أمة بميلاد نبيها – معارضة لهمزية أمير الشعراء أحمد شوقي بك ولد الهدى!

ولد الهُدى ، فأضِيئتِ الغبراءُ

ووهادُها ، ورياضُها الغناءُ

وجبالها وسهولها ومُروجُها

وبحارُها وتلالها الشمّاء

وبلادُها وقِفارُها وسماؤُها

ونجومُها – في الليل – والأنواء

وربيعُها وخريفها قد أشرقا

والصيفُ ضاء ، وضاء بعدُ شتاء

والليلُ زايل دُلجة وحُلوكة

وتلألأ الإصباحُ والإمساء

ولد النبي (محمدٌ) ، فلتبتشرْ

هذي السما والناسُ والغبراء

فعليه مِن رب السما بركاته

وصلاته وسلامه الوضاء

ولد الهُدى نسبٌ إلى العليا استمى

ضَمّته – في آفاقها – الجوزاء

مُتفرداً بالمجد مُحتفلاً به

وعليه من حُلل الجمال بهاء

مُترفعاً عن كل عيب أو هوى

حتى نأتْ عن ساحه الأهواء

مُتوشحاً بالمَكرمات يزفها

للعالمين تحوطها الأضواء

متبرئاً من كل إفكٍ مفترى

والصدقُ يَقْدُر قدرَه العظماء

متقلباً في طهر أرحام النسا

شهدتْ بذلك رَجْلة ونساء

وسَمتْ به نطفُ الرجال شرافة

حتى ليغبط شأوَه الشرفاء

فأبوه بينهمُ بآمنةٍ بنى

طاب القِرانُ ، وطاب بعدُ بناء

مَن ذا يُضارعُه صُوىً أو مَحتِداً

حاز السموّ ، فدونه العلياء

فهو الخِيارُ مِن الخيار مِن الخيا

ر ، وإنْ مدحتُ فدونه الإطراء

والجاهلية جُندلتْ وتصرّمتْ

وبكل بأس سُربل الكُبراء

وأقلتِ البطحاءُ أطهر أمةٍ

سعدتْ ببدء وجودِها البطحاء

في بطن مكة بدء أمة (أحمدٍ)

ومخاضُ مولدها ارتآه (حِراء)

اقرأ (محمدُ) ، قال: لستُ بقارئ

في موقفٍ عَظمتْ به البأساء

مَن قال: لست بقارئ مِن عِلمه

يتعلم الكُتابُ والقراء

ودعا – إلى الله – الأنام ، فأسلمتْ

فئة ، وأخرى جُلها سُفهاء

وأقيم دينُ الله في دنيا الورى

وانجابتِ الأصنامُ والظلماء

وتفيّأ الناسُ الحضارة مَنهجاً

والدينُ ساد ، وتمّتِ النعماء

وأظل دينُ الله أصناف الورى

التابعون ومن قلوه سواء

لا جبرَ ، لا إكراهَ ، بل حرية

كفلتْ لكلٍ ما يرى ويشاء

عشرون عاماً والنبي مجاهدٌ

لتكون شِرعته هي العلياء

لم يألُ جهداً في هداية قومه

وله اهتمامٌ بالغ ودعاء

حتى الألى لم يؤمنوا وتمرّدوا

ذهبتْ بما طمحوا له الهيجاء

وإذا ترى ملك الجبال مُخيّراً

حتى تباد الطغمة الجُهَلاء

فيقول: (أحمد): لا ، وربي مُخرجٌ

منهم أناسِياً همُ الصلحاء

هو رحمة للعالمين ونجدة

والتابعون له همُ السعداء

هو منذرٌ خلقاً به لم يؤمنوا

وهو الذي مما افتروه براء

ومُبشرٌ مَن آمنوا وتمثلوا

أخلاقه حقاً همُ العقلاء

هو شاهدٌ يوم الجزاء وشافعٌ

والمقتدون به همُ الشهداء

وشفيعُ أمته إلى رب السما

إن قل في يوم الجزا الشفعاء

صلى عليه الله جل جلاله

مادام في الكون الوسيع سماء

الصادق الشهم الأمين نعوته

أدلى بذا الأحبابُ والأعداء

ورأوْه أفضل مِن جميع رجالهم

صدعوا بحق ليس فيه خفاء

حتى إذا أتت النبوة أنكروا

وتذمّروا ، واستكبروا ، وأساؤوا

فدعا لدين الله مُعتزاً به

سراً ، وواسى من إليه أفاؤوا

مُستلهماً سيَر الكِرام المرسليـ

ـن بها سبيلُ المُهتدين تضاء

لم يخشَ بأس أولي التعنت لحظة

ما للتعنت – في الصراع – بقاء

فتعقبوا المستضعفين ، وأسرفوا

في بطشهم ، واستفحل الإيذاء

واسألْ بلالاً والرُّبا وسُمية

عما جناه الطغمة البلهاء

واسألْ كذلك آل ياسرٍ الألى

شهدتْ – بما فجعوا به – الأفياء

ولديك في (أم الشريك) إرادة

صمدتْ ، ولم تذهبْ بها الأرزاء

ناهيك عن (زنيرة) وثباتها

لمّا استهان – بصبرها – الأعداء

ونبينا مَكروا به وبأهله

مَكراً تبدّى ، ليس فيه خفاء

يا دار (أرقم) خبّرينا بالذي

قال النبي وحوله النصراء

ومهاجرين إلى (الجنوب) تجشموا

عِبء الرحيل ، وبالقلوب رجاء

سَعياً إلى الملك (النجاشي) العظيـ

ـم ليسلموا ، ويزول بعدُ شقاء

وإذا بحمزة يوم أسلم زادَهم

بأساً ، وسادت عِزة قعساء

واستبشروا بالخير يطرق سُوحُهم

وغزا القلوبَ تآلفٌ وصفاء

والصف زادَ تماسُكاً وتآزراً

يوم اهتدى (عمرٌ) ، وزال الداء

وانفضتِ المِحنُ التي علقتْ بهم

وشدا مناخ بالهنا وفضاء

وإذا بأهل الشرك يُجمعُ صفهم

وتكلم الساداتُ والزعماء

وإذا بهم قد قاطعوا أهل التقى

والحقدُ عمّ ، وطمّتِ الشحناء

وحِصارُهم للشِعب كان نكاية

وكأنما أهل التقى غرباء

ونبينا في الشِعب عفٌ صامدٌ

وله ابتهالٌ مُخبتٌ وبُكاء

وإذا بعام الحزن يُقبل مجهزاً

جبراً عليه ، فزادتِ اللأواء

ماتت (خديجة) ، وانقضت أيامُها

والحزنُ قد سُمعتْ له أصداء

فعليكِ أم المؤمنين سحائبُ الـ

ـرضوان ، هذي دعوة وحُداء

والعمّ مات ، وكان دِرعَ نبينا

فاهتاجتِ البأساءُ والضراء

(والطائفُ) انطلقتْ خِلافَ نبينا

بحجارةٍ ألقى بها الأبناء

وأتاه (عدّاسٌ) يُجففُ دمعه

ويقول: أنت مِن السباب براء

في كفه عنبٌ ، ويذكر (نينوى)

ويجودُ جوداً خطه الكرماء

ويعودُ (أحمدُ) للديار وأهلها

وتسيلُ من قدم النبي دماء

والمشركون أتوْا إليه ، وجادلوا

ولكل فردٍ – في الجدال – دهاء

قالوا: تشق لناظر بدر التمـ

ـام لقطعتين – لدى العيون – سواء

حتى إذا ما انشق هاهم أعرضوا

وتنكبتهم فتنة عمياء

والله فرّج عن فؤاد نبيه

حتى أتى المعراجُ والإسراء

أسرى به المولى ، وأكرم شأنه

وحَلتْ لأحمد ليلة ليلاء

والمسجدان فمؤئلان لرحلةٍ

سعدتْ بها الآفاق والأجواء

وإذا بمعراج النبي إلى السما

وتشرفت بقدومه الزرقاء

ويعود مبتشراً بنصرة دينه

وعليه من حُلل الثبات رداء

وعلى القبائل راح يعرضُ نفسه

ويجود يغبط جوده الدأماء

ويريدهم لله أخلصَ أعبُدٍ

وبهم تعز الشرعة السمحاء

والله منّ على الجميع بهجرةٍ

جاءتْ بها الخيرات والآلاء

أمن الجميعُ ، ومُكّنوا في (يثرب)

والدينُ عز ، ولم يشبْه خفاء

وتفيأ الإسلامُ ظِل شَرافة

مُتقدماً لمّا يَعقه وراء

والبيعة انعقدتْ ، وأشرقَ نورُها

والدار عمتْ سوحَها الأضواء

هي بيعة الرضوان خلد ذكرها

أبداً ، وقلدها الجمالَ وفاء

واحتار أهلُ الشرك في صدّ الورى

عن دعوة الإسلام ، ثم استاؤوا

فتجمّعوا في دار ندوتهم ضحىً

ولجمعهم في الملتقى خيَلاء

واختار مُجتمعوه قتل (محمدٍ)

حَلاً رَمته فِراسة وذكاء

ألقاه إبليسٌ لهم متخفياً

أملاه نصاً ، فاستمى الإملاء

ومضى وخلّفهم على ما قاله

والدارُ تشهدُ ما أتى الأعضاء

لكنهم شهدوا نجاة نبينا

بعيونهم ، وقلا العيونَ عماء

وبنى النبي (قباءه) في (يثرب)

طاب البناءُ ، وأفلح البنّاء

أرسى دعائمه على تقوى المليـ

ـك بساعديه ، فحبذا الإرساء

وأتى فآخى بين كل مهاجر

ونصيره ، هل مثل ذاك إخاء؟

مَن قسّموا الدور التي فيها أوَوْا

والمال قسّم بينهم ونساء

وهناك في (بدر) بدتْ نفحاتهم

إذ ساقهم نحو القتال نداء

هم قد أرادوا العِير دون تلاحم

فالعيرُ يعقبها غِناً ورخاء

وقضى الإله خِلاف ما طمحوا له

وإذا قضاه فلا يُرد قضاء

كرهوا لقا الأعداء ، فاقتيدوا له

والنصرُ أدركهم ، فطاب لقاء

وإذا (أبو جهل) يُجابه مَصرعاً

فهذى ، وهل ينجي القتيلَ هُراء؟

ومضى يُنددُ بالنهاية أجهزتْ

فوراً عليه ، ونال منه فناء

خبراً غدا وحديث قوم جاهدوا

ولهم بتعزيز النبي ولاء

وقبيل (بدر) فارقته (رُقية)

وأتى الصحابُ لهم جوىً وعَزاء

ويهود قد نقضوا العهودَ ، وأجرموا

لا يُرتجى مِن غادرين وفاء

ونبينا أجلاهمُ عن (يثرب)

حتى يسود – من الفتون – نجاء

وتآمر الأحزابُ ، بان نفاقهم

صِنوان هم والطغمة الأعداء

في غزوة (الأحزاب) جُندِل صفهم

إذ كان في عصف الرياح جزاء

والله ردّ الكافرين بغيظهم

لمّا ينالوا الخيرَ إذ هم جاؤوا

فاستدرجوا لهلاكهم في غزوةٍ

بل بالمصائب والهزائم باؤوا

وابن السلول يقود أشرس حملةٍ

وخِلافه – في الحَملة – السفهاء

في (حادث الإفك) الذي هو فتنة

للمؤمنين ومحنة وبلاء

والله أوهن كيد من حاكوا الفِرى

إذ عِرض (عائشَ) طاهرٌ وبراء

واحتار أهل الشرك كيف خلاصُهم

من (أحمدٍ) ، وتآمرَ الزعماء

والسمّ دُسّ بشاة (هودٍ) غِيلة

وقِرى الضيوف الأكرمين شِواء

في بيت (هودٍ) غدرة وخِيانة

لحمٌ بسم قاتل ، وحساء

وتكلمتْ تلك الذراعُ ، وأفصحتْ

عما احتوتْ ، وزوى القدورَ خِباء

والله أنقذ (أحمداً) من كيدهم

الداء منه ، ومنه كان دواء

وأتى لمكة فاتحاً مستبسلاً

وعليه من أرَج اليقين بهاء

والعشرة الآلاف فوق خيولهم

السلمُ غايتهم ، أو الهيجاء

ونبينا فيهم يُخيّرُ قومَه

ماذا ارتأيتم أيها الغوغاء

ماذا ظننتم بالذي أنا فاعلٌ؟

فإذا الجواب يزفه الفصحاء

قالوا: نراك أخاً كريماً طيباً

وأبوك يمدحُ جُودَه الآباء

فيُعقب (المختارُ) يا قومي اذهبوا

رَبحَ الخِيارُ ، فأنتمُ الطلقاء

مَن كان في (البيت الحرام) فآمنٌ

إنا – على أرواحكم – أمناء

ومَن اغتدى في بيته هو آمنٌ

وله السلامة جُنة ووِجاء

أو كان في مأوى (أبي سُفيانَ) بعـ

ـدُ فآمنٌ ، إنا – بكم – رحماء

وأتى إلى الأصنام يَحطِمها ضحىً

الشركُ زال ، وأدبر الشركاء

والله مكّن للحنيفة والهُدى

وأقامه الرئبالة الحُنفاء

لا قهرَ ، لا طاغوتَ ، بل حُرية

والناسُ دانوا بالذي هم شاؤوا

حتى إذا حج النبي مُودّعاً

بكتِ الحياة عليه والأحياء

نصح الجميعَ نصيحة مَشفوعة

بالحِرص يفقه كُنهها البُلغاء

والله خيّره فآثرَ قربَه

ورحيلُ (أحمدَ) نكبة دهياء

والنصرُ جاء وفتحُ مكة بعده

والناسُ أفواجاً لسلم جاؤوا

ورحيلُ (أحمدَ) سُنة حتمية

ما للخلائق – في الحياة – بقاء

سبحان مَن يبقى ويَسأل يومها

وهو العليمُ بما يرى ويشاء

المُلكُ – هذا اليومَ – حقاً مُلكُ مَن؟

فمن الذي يصبو إليه نداء؟

فيجيبُ رب الناس: إن المُلك لي

والخلقُ لي والعيشُ والإفناء

للواحد القهار ، ليس كمثله

شيء ، فمن تصويره الأشياء

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات