مستهترة أنتِ يا هند نشرت صورتها فأغضبت زوجها!

هدمتِ الذي بيني وبينكِ يا (هندُ)

وأوقدتِ ناراً هاجَ مِن جوفها الصهدُ

وأشهرتِ سيفاً ، ليس يُدفعُ ضربُه

وقد كان مأموناً ، يُخبئه الغمد

وراهنتِ أعدائي على قتل عِزتي

ووأدِ شُموخي بعد أن نجحَ الكيد

وأسرفتِ في كيل الأذى دون رحمةٍ

وكان على حُسّادنا الكيُّ والفصد

وأمعنت – في الإذلال – دون هوادةٍ

إلى أن دهَى النفسَ المجندلة الوَجد

وأدخلتِني حرباً تُمزق مُهجتي

تطولُ وتستشري ، فليس لها حَد

وأغرقتِني في بحر تِيهٍ وحَيرةٍ

وبات عُبابُ الماء – مِن فوقنا – يعدو

وألقيتِني والبيتَ والطفلَ مِن عَل

ومِن بعدها – مِن فوْره – انهدمَ الطود

غريمي عليكِ اليومَ يخلو بصورةٍ

وتُشجيه فحواها ، وفي حُسنها يشدو

ويَطربُ أن جاءته أندى غنيمةٍ

على طبق التسريب هينة تبدو

يُكحّلُ عينيْ جائع ، ليس يستحي

بعِرض تملى الشِيبُ سلواه والمُرد

ويُوسِعُ أنفَ الوغد شمّاً يَشوقه

لربّة حُسن ، لم يَزرْ عقلَها الرشد

ويَسعد بالحُسن اشتهاه فناله

رخيصاً بلا جهدٍ ، وأنى – له – الجُهد

ويَفرح أن صارت أمانيه واقعاً

وللهاتف المستملح الشكرُ والحمد

ويدعو رفاقَ الدرب كي يتفرجوا

على غادةٍ ريانةٍ ، وجهها يشدو

يقول: هلموا شرّفتنا صبية

علينا صِباها كم يروحُ ، وكم يغدو

وقد يرسلُ الألبومَ دون تورّع

لمن يشتهي ، أو للذي – عنده – نقد

إذا لم يصنْ حُرٌ مِن الوَحل -ِرضه

تدنسه فوضى ، العزيز – بها – عبد

وكم قلتُ: يا هندُ استفيقي وحاذري

فما استمعتْ للنصح بُحتُ به (هند)

ولا أنصتتْ للوعظ ، يحمي صِيانها

ولا زايلتْ مَكراً يموجُ ، ويَمتد

ولا أذعنتْ للحق ، يُصلحُ شأنها

ولا سربلتها في النزال القنا المُلد

فيا ليتها إذ أبدتِ الوجهَ للورى

قد اعتبرتْ بالضنك ، يورثه العِند

وهل هان وجهٌ زيّن السترُ حُسنه

لتكشفه هندٌ ، فيُبصره الوَغد؟

ألا إن بطن الأرض أولى بزوجها

مِن الظهر ، إن ظلت بذلك تعتد

فليس بديوثٍ ، وليس بهازل

وليس الذي تُقصيه عن شَرعه (دَعد)

وليس الذي تغريه ساقطة النسا

وليس الذي يفري مشاعرَه قد

ولا تجتني أنثى حِجاه بمَيسها

وليس الذي يكبو ، فيَصرعُه نهد

وليس الذي تُغويه حَسنا تغنجتْ

وجمّلها الوجهُ الصبوحُ ، أو الزند

ألم نتفقْ يا هند أن ننصر الهُدى

ليُسعفنا – بالرشد – خالقنا الفرد؟

ألم نلتزمْ بالحق والعدل جُهدنا

ووقرنا (عمروٌ) ، وشادَ بنا (زيد)؟

وكنا – لأهلينا – مثالاً وقدوة

وكان – لنا – عزمٌ يؤيدُه عهد؟

ألم ندرس الدينَ الحنيف مَحبة

وقرْبى إلى المولى ، وكان لنا جهد؟

ألم نقرأ القرآن غضاً مُرتلاً

فأشرقتِ التقوى ، وداعبنا السعد؟

ألم نفتخرْ رَدحاً بسُنة (أحمدٍ)

وكانت لنا رِدءاً ، ونحن لها جند؟

ألم نغتربْ عن دَارنا ودِيارنا

فقد عمتِ البلوى ، وضاقتْ بنا البُلد؟

وعشنا بلاءاتٍ ، وخضنا غِمارها

فما دمعتْ عينٌ ، ولا خيّم الوَجد؟

وكانت لنا – في المدلهمات – عزة

وتلك مساعينا تسنمها المجد؟

لماذا التدني بالتصاوير ، لم تكنْ

لقانون أقوام هي الشرط والقيد؟

تقولين: للذكرى فقلت: سفاهة

ومفلسة تهذي ، وماذا هو القصد؟

وما الذكرياتُ الهوجُ إن أشهرَ الخَطا

حُساماً على وحي السما سله الغمد؟

وهل ذكرياتٌ تستهينُ بدِيننا؟

وهل مخلصٌ – نحو الترهل – يرتد؟

وكم صورةٍ أودتْ ببيتِ أشاوس

ليغدوَ بيتاً – للعباقرة – اللحد

وللذكريات الغرّ أنواعُ جمّة

تجاوزتِ التصويرَ يغبطها المَجد

فمنها كليماتٌ تُصحّحُ دربنا

تَخللها النسرينُ والفلُ والوَرد

ومنها تجاريبٌ تُنقي مسارَنا

ونحيا كِرام الشأن ، تشهدُنا الأسْد

ومنها دروسٌ – في الحياة – كريمة

كبحر يُداوي سُقمَه الجَزْرُ والمَد

ومنها يواقيتُ المواعظ تحتوي

مَعيناً يُزكّي ، ليس – عن طرقه – بُد

ومِن بينها أندى المواقف كالسنا

تعلمنا أن البلاء – له – حَد

ومِن بينها بعضُ الكتابات سُطرتْ

بها الشبَهُ الرعناءُ يَدمغها الرد

ومِن بينها بعضُ الرسائل بيّنتْ

معالمَ درب فوق رَبوته البند

ومنها عِباءاتٌ لكل حَشيمةٍ

تدَثر فيها الجسمُ ، والرسمُ ، والقد

ومنها فساتينٌ على شرط ديننا

قماشاً وتفصيلاً ، وقد سُترَ الجلد

فهل عَوضتْ عن كل ذلك صورة؟

أجيبوا على سؤلي ، وفي صِدقكم فيد

أتُغني عيوناً صورة إذ تشوفها

لتُشبعَ ألباباً يُشتتها المَيد؟

ولكنها تُشجي قلوباً تريدُها

وتعشقها عِشقاً يُصاحبُه الوَقد

ويَشوي سعيرَ العِشق سِرّ وجودها

كنار تلظى – في سُرادقها – الصهد

وهل تُشبعُ النفسَ الدنيئة صورة

بها زكَت الألوانُ ، وانبجسَ الشهد؟

جحيمٌ هو العشقُ المتيّمُ عندما

يُصيبُ فؤاداً بالتوله كم يحدو

ويبقى مدى الأيام عبداً لمن هوى

يُطيعُ بلا رأي ، فالخنوعُ له بُرد

ويَجترّ ذل الحب في كل لحظةٍ

وللصب وجهٌ – مِن مَساويه – مُسْود

ويَقتاتُ آلامَ الهُيام مريرة

ويشقى به الإحساسُ والقلبُ والكِبد

وإن كان – للملتاع – زوجٌ وضرة

فقِبلته الأولى – لها – المَيلُ يشتد

تعمّد أنْ لا يطرحَ العشقَ جانباً

وكم يقتلُ الولهانَ – إما غلا – العمد

وإنْ كان – للهيمان – بيتٌ وأسرة

وإنْ ملأتْ أرحاب منزله الوُلد

فليس بناس ربّة الحُسن والصِبا

فيسترقُ الأنظارَ ، إنْ ظهرتْ (هند)

ويَرمقها بالعين ، يتبعُ ظلها

ويبكي بدمعٌ ليس يُنكره الخد

ويأسى إذا غابت ، ويرثي لفقدها

كأن عشيقاً هدّه الحب والفقد

فلمّا أتتْ للنذل صورتها سَبتْ

صواباً وعقلاً منه ، جُن بها القرد

ولستُ ألومُ الكلبَ يلهث سالياً

ويخلو بحَمقا ما لها – في الغبا – ند

ولكنْ ألومُ الزوجَ تُزري ببَعلها

وتجعله يقلو الودادَ ، ويحتد

وتُهدِرُ حق الزوج في عُقر داره

وتقبلُ بالتصوير ، مارسَه وفد

وتركلُ – بالنعلين – صَوناً وغيْرة

وتفتحُ باباً للمِرا ، ليس ينسد

وتغرسُ سِكيناً بأغلى مُروءةٍ

وتهدمُ صرحاً ، لم يكنْ قبلُ ينهد

وتُشْهرُ سيفاً يستبيحُ شهامة

وتأتي خطايا كالغثا ، ما لها عَد

تقول: تصاويرٌ – لذكرى – التقطها

وتمزحُ – في أمر – يُعضّدُه الجد

وتلقي بوعدٍ – في النقاش – ومَوثق

ألا خيّبَ الميثاقُ ، واندحرَ الوعد

بأنْ لا تكون – الدهرَ – أية صورةٍ

لها بين أيدي الناس بالطوْع مِن بَعد

فقلتُ: وهل – بعد التداول – مصرفٌ

وقد جُمعُ الألبومُ ، وانتصرَ الحِقد؟

تصاويرُ أهداها الجُناة لبعضهم

إلى أن أتت قوماً يُدَمّيهم الحَرد

قد اتسعَ الخرقُ المُمَزقُ ثوبنا

على راقع ، فيم التلاومُ والنقد؟

أمورٌ تعدتْ كل باع وقدرةٍ

جناها غريمٌ – في خصومته – جَلد

ليلطفْ بيَ الرحمنُ فيما أصابني

فإن الذي أحيا لمُستبشعٌ إد

ليرزقْنيَ الوهّابُ خيرَ تصبّرٍ

له الشكرُ مني ، والثناءاتُ والحمد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات