يا قبر محمود لا جازتك غادية

ديوان عبد الغفار الأخرس

يا قبرَ محمود لا جازَتْك غاديةٌ

تَسقي ثَراكَ بصَوْبٍ غير مفقودِ

لقد فَقَدْتُ بك المعروفَ أجمَعَهُ

يا خيرَ من راحَ مفقوداً لموجود

وقد كرهتُ حياة لا أراكَ بها

مذ كانَ موتُك موت الفضل والجود

وليس بعدكَ عيشي ما أُسَرُّ به

ما العيش من بعد محمود بمحمود

كنَّا بفضلك في خِصبٍ وفي سعةٍ

ومنهلٍ من ندى كفَّيك مورود

ونستظلُّ بحيث الدَّهر هاجرة

ولا ظلال بظلٍّ منك ممدود

أبكيك والحقّ أن أبكي عليك دماً

بأَدْمُعٍ فوقَ خدّي ذات أخدود

أَنْتَ الَّذي تحكي مناقبه

بشاهدٍ من معاليه ومشهود

أيَّامه كانت الأَعيادَ أذكرها

فلم تَرُقْ بعده لي طلعةُ العيد

ما بعد صاحب هذا القبر من أحَدٍ

يُرجى الخيرُ أو يُدْعى إلى الجود

جَرَّبْتُ من بعده السَّادات أجمعها

فَصَحَّ لي فيه بعد الله توحيدي

وربَّما قادَني ظنِّي إلى أرب

فخاب ظنِّي ولم أظفر بمقصودي

وليس من بعده حظٌّ لذي أملٍ

ولا السَّراب وإنْ يطغى بمورود

إنِّي لأبكي عليه كلَّما ذُكرت

أيَّامه البيضُ في أيَّاميَ السُّود

أبكي على ابن رسول الله يتركني

في فقده بين تنغيصٍ وتنكيدِ

ليتَ المنايا بما غالت وما تركت

قد بَدَّلَتْ أَلْفَ موجودٍ بمفقود

أَذمُّ دهراً لعيشٍ لَسْتُ أَحْمدُهُ

ولستُ أحمدُ عيشاً بعد محمود

بالعيد كنتُ أُهنِّيه وأمْدَحُهُ

فصِرْتُ أبكيه أو أرثيه بالعيد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات