Skip to main content
search

وَسُدَّت بِهارونَ الثُغورُ فَأُحكِمَت

بِهِ مِن أُمورِ المُسلِمينَ المَرائِرُ

وَما اِنفَكَّ مَعقوداً بِنَصرٍ لِواؤُهُ

لَهُ عَسكَرٌ عَنهُ تشَظّى العَساكِرُ

وَكُلُّ مُلوكِ الرومِ أَعطاهُ جِزيَةً

عَلى الرَغمِ قَسراً عَن يَدٍ وَهوَ صاغِرُ

لَقَد تَرَكَ الصَفصافَ هارونَ صَفصَفاً

كَأَنَّ لَم يُدَمِّنهُ مِنَ الناسِ حاضِرُ

أَناخَ عَلى الصَفصاف حَتّى اِستَباحَهُ

فَكابَرَهُ فيها أَلَجُّ مُكابِرُ

إِلى وَجهِهِ تَسمو العُيونُ وَما سَمَت

إِلى مِثلِ هارونَ العُيونُ النَواظِرُ

تَرى حَولَهُ الأَملاكَ مِن آلِ هاشِمٍ

كَما حَفَّتِ البَدرَ النُجومُ الزَواهِرُ

يَسوقُ يَدَيهِ مِن قُرَيشٍ كِرامُها

وَكِلتاهُما بَحرٌ عَلى الناسِ زاخِرُ

إِذا فَقَدَ الناسُ الغَمامَ تَتابَعَت

عَلَيهِم بِكَفَّيكَ الغُيومُ المَواطِرُ

عَلى ثِقَةٍ أَلقَت إِلَيكَ أُمورَها

قُرَيشٌ كَما أَلقى عَصاهُ المُسافِرُ

أُمورٌ بِميراثِ النَبِيِّ وَليتَها

فَأَنتَ لَها بِالحَزمِ طاوٍ وَناشِرُ

إِلَيكُم تَناهَت فَاِستَقَرَّت وَإِنَّما

إِلى أَهلِهِ صارَت بِهِنَّ المَصائِرُ

خَلَفتَ لَنا المَهدِيَّ في العَدلِ وَالنَدى

فَلا العُرفُ مَنزورٌ وَلا الحُكمُ جائِرُ

وَأَبناءُ عَبّاسٍ نُجومٌ مُضيئَةٌ

إِذا غابَ نَجمٌ لاحَ آخَرُ زاهِرُ

عَلَيَّ بَني ساقي الحَجيجِ تَتابَعَت

أَوائِلُ مِن مَعروفِكُم وَأَواخِرُ

فَأَصبَحتُ قَد أَيقَنتُ أَن لَستُ بالِغاً

مَدى شُكرِ نُعماكُم وَإِنّي لَشاكِرُ

وَما الناسُ إِلّا وارِدٌ لِحِياضِكُم

وَذو نَهَلٍ بِالرِيِّ عَنهُنَّ صادِرُ

حُصونُ بَني العَبّاسِ في كُلِّ مَأزِقٍ

صُدورُ العَوالي وَالسُيوفُ البَواتِرُ

فَطَوراً يَهُزّونَ البَواتِرِ وَالقَنا

وَطَوراً بِأَيديهِم تُهَزُّ المَخاصِرُ

بِأَيدي عِظامِ النَفعِ وَالضُرِّ لاتَني

بِهِ لِلعَطايا وَالمَنايا بَوادِرُ

لِيَهنِكُمُ المُلكُ الَّذي أَصبَحَت بِكُم

أَسِرَّتُهُ مُختالَةً وَالمَنابِرُ

أَبوكَ وَلِيُّ المُصطَفى دونَ هاشِمِ

وَإِن رَغِمَت مِن حاسِديكَ المَناخِرُ

مروان بن أبي حفصة

مروان بن أبي حفصة سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأمويّ.(105 - 182 هـ = 723 - 798 م) وهو شاعر عالي الطبقة، من شعراء صدر الإسلام، يكنى أبا السِّمْط. كان جدّه أبو حفصة مولى لمروان بن الحكم أعتقه يوم الدار، ولد باليمامة من أسرة عريقة في قول الشعر، وأدرك العصرين الأموي والعباسي، مدح الخلفاء والأمراء، وسائر شِعرِه سائرٌ لحُسْنِه وفُحُولته، واشتهر اسمه. وحكى عنه خَلَف الأحمر، والأصمعيّ.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024