هل راكب ذاهب عنهم يحييني

ديوان ابن زيدون

هَل راكِبٌ ذاهِبٌ عَنهُم يُحَيِّيني

إِذ لا كِتابَ يُوافيني فَيُحيِيني

قَد مِتُّ إِلّا ذَماءً فِيَّ يُمسِكُهُ

أَنَّ الفُؤادَ بِلُقياهُم يُرَجّيني

ما سَرَّحَ الدَمعَ مِن عَيني وَأَطلَقَهُ

إِلّا اعتِيادُ أَسىً في القَلبِ مَسجونِ

صَبراً لَعَلَّ الَّذي بِالبُعدِ أَمرَضَني

بِالقُربِ يَوماً يُداويني فَيَشفيني

كَيفَ اِصطِباري وَفي كانونَ فارَقَني

قَلبي وَهانَحنُ في أَعقابِ تِشرينِ

شَخصٌ يُذَكِّرُني فاهُ وَغُرَّتَهُ

شَمسُ النَهارِ وَأَنفاسُ الرَياحينِ

لَئِن عَطِشتُ إِلى ذاكَ الرُضابِ لَكَم

قَد باتَ مِنهُ يُسَقّيني فَيُرويني

وَإِن أَفاضَ دُموعي نَوحُ باكِيَةٍ

فَكَم أَراهُ يُغَنّيني فَيُشجيني

وَإِن بَعُدتُ وَأَضنَتني الهُمومُ لَقَد

عَهِدتُهُ وَهوَ يُدنيني فَيُسليني

أَو حَلَّ عَقدَ عَزائي نَأيُهُ فَلَكَم

حَلَلتُ عَن خَصرِهِ عَقدَ الثَمانينِ

يا حُسنَ إِشراقِ ساعاتِ الدُنُوِّ بَدَت

كَواكِباً في لَيالي بُعدِهِ الجونِ

وَاللَهِ ما فارَقوني بِاِختِيارِهِمِ

وَإِنَّما الدَهرُ بِالمَكروهِ يَرميني

وَما تَبَدَّلتُ حُبّاًّ غَيرَ حُبِّهِمِ

إِذاًّ تَبَدَّلتُ دينَ الكُفرِ مِن ديني

أَفدي الحَبيبَ الَّذي لَو كانَ مُقتَدِراً

لَكانَ بِالنَفسِ وَالأَهلينَ يَفديني

يا رَبِّ قَرِّب عَلى خَيرٍ تَلاقينا

بِالطالِعِ السَعدِ وَالطَيرِ المَيامينِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن زيدون، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات