من رأى البرق بغوري السند

ديوان الشريف الرضي

مَن رَأى البَرقَ بِغَورِيِّ السَنَد


في أَديمِ اللَيلِ يَفري وَيَقِد


حَيرَةُ المِصباحِ تَزهوهُ الصَبا


خَلَلَ الظَلماءِ يَخبو وَيَقِد


كُلَّما أَنجَدَ عُلوِيَّ السَنا


قامَ بِالقَلبِ اِشتِياقٌ وَقَعَد


كَم أَضاءَ البَرقُ لي مِن مَعهَدٍ


ذابَ دَمعُ العَينِ فيهِ وَجَمَد


وَمَغانٍ أَنبَتَ الحُسنُ بِها


هَيَفاً تَرعاهُ عَيني وَغَيَد


كُلَّما عاوَدَ قَلبي ذِكرُها


لَعِبَ الدَمعُ بِجَفنَيَّ وَجَدِّ


إِنَّ ريمَ السُربِ أَدنى لي الجَوى


وَنَأى بِالصَبرِ عَنّي وَالجَلَد


بِنَدى غُصنَينِ غُصنٍ وَنَقاً


وَجَنى عَذبَينِ شَهدٍ وَبَرَد


قُل لِزَورِ الشَيبِ أَهلاً إِنَّهُ


أَخَذَ الغَيّ وَأَعطاني الرَشَد


طارِقٌ قَوَّمَ عودي بِالنُهى


بَعدَما اِستَغمَزَ مِن طولِ الأَوَد


وَقَرَ اليَومَ جُموحاً رَأسَهُ


جارَ ما جارَ طَويلاً وَقَصَد


ظَلَّ لَمّاعٌ جَلاهُ بارِحٌ


بَعدَما أَبرَقَ حيناً وَرَعَد


لا تَعُدَّ العَيشَ شَيئاً إِنَّهُ


نَفَسٌ يَقضي وَأَيّامٌ تُعَد


إِنَّما الأَيّامُ يَومٌ واحِدٌ


وَغُرورٌ اِسمُهُ اليَومَ وَغَد


يا قِوامَ الدينِ مُلّيتَ بِها


دَولَةً تَجري إِلى غَيرِ أَمَد


كَسِقاطِ النارِ أَورى قَدحُهُ


كُلَّما فَرَّ عَنِ النارِ وَقَد


أَصلُها يَطلُبُ أَعماقَ الثَرى


وَذُراها يَطلُبُ النَجمَ صُعُد


كُلَّما زادَ عُلُوّاً فَرعُها


زادَ مَسراها قَراراً وَوَطَد


كَيفَ توهي طُنُباً مِن بَيتِها


نُوَبُ الأَيّامِ وَالجَدُّ وَتِد


أَنتَ آسيها إِذا لَجَّ بِها


مِن أَعاديها رَداعٌ وَضَمَد


قائِدُ الخَيلِ تَساقى بِالرَدى


تَحتَ آسادٍ لَها النَقعُ لُبَد


تَحسِبُ الشوسَ عَلى أَكتادِها


فِلَقَ الجَندَلِ في ماءِ الزَرَد


وَعَلى أَربَقَ قَد أَرسَلَها


كَالقَطا الجَونِ يُبادِرنَ الثَمَد


وَبِيَمٍّ وَدَجوها بِالقَنا


رُبَّما داوَيتَ مِن غَيرِ عَمَد


يَومَ أَمسى مِن قَناها ماطِراً


سالَ واديهِ مِنَ الطَعنِ وَمَد


فَضَّ جَمعَ الغِيِّ عَن شِدَّتِها


زَأَرَ الضَيغَمُ فَاِنصاعَ النَقَد


وَنَجا المَغرورُ مِن جامِحِها


مُفلِتَ الشَحمَةِ حَلقَ المُزدَرِد


غاوِياً يَحلُمُ بِالمُلكِ وَهَل


يَغلِبُ العَيرُ عَلى بَيتِ الأَسَد


إِذكُرونا يَومَ ذي قارٍ وَقَد


أَقبَلوهُ عارِضَ الطَعنِ بَرَد


رُحِضَ الأَغلَفُ في تَيّارِهِ


وَرَدَ العِلجُ وَما كادَ يَرِد


يَصطَلي نارَطِعانٍ فَضَّةً


أَوقَدَت فيها نِزارُ بنُ مَعَد


سَل صَفيحَ الهِندِ عَن مَوقِفِهِ


وَبِعَينِ الشَمسِ لِلنَقعِ رَمَد


جَرَّ في دارِ الأَعادي فَيلَقاً


كَرُغاءِ البَحرِ يَرمي بِالزَبَد


فَعَلى الجَوِّ سُقوفٌ مِن قَناً


وَعَلى الأَرضِ قُطوعُ مِن جَسَد


أَصعَقَ الأَعداءَ حَتّى خِلتُهُ


زَفَيانَ الريحِ يَرمي بِالعَضَد


رَكدَةٌ عَن جَولَةٍ تَحسَبُها


مِرجَلَ القَينِ غَلا ثُمَّ بَرَد


ما أَضَلَّ الرَمحُ فيها مِنهُمُ


عَثَرَ السَيفُ بِهِ فيما وَجَد


مِن بَني ساسانَ أَقنىً ضُرِبَت


حُجَرُ المُلكِ عَليهِ وَالسُدَد


طَلَعَت في كُلِّ أُفقٍ شَمسُهُ


هَل تَرى يَختَصُّ بِالشَمسِ بَلَد


ما رَأَينا كَأَبيهِ ناجِلاً


وَلَدَ الناسَ جَميعاً بِوَلَد


إِن يَكُن تاجاً وَعَضداً فَاِبنُهُ


دُرَّةُ التاجِ وَدُملوجُ العَضُد


لا ضَحا ظِلُّكَمُ يَوماً وَلا


مَطَلَ الإِقبالُ فيكُم ما وَعَد


وَتَفارَطتُم عَلى رَفهِ السُرى


مَورِدَ النَعماءِ وَالعَيشِ الرَغَد


وَغَدا الجَدُّ جَموحاً بِكُمُ


ما لَهُ عَن غايَةِ الأَيّامِ رَد


تَقصُرُ الآجالُ مِن أَعدائِكُم


وَيُطالُ العَيشُ فيكُم وَيُمَد


تَنفَدُ الغُدرانُ أَحياناً وَما


لِعُبابِ اليَمِّ ذي اللُجِّ نَفَد


جَعجَعَ المَجدُ بِكُم مَبرَكَهُ


راضِياً بِالدارِ فيكُم وَالبَلَد


وَقِبابُ المُلكِ في أَعطانِها


رُفِعَت مِنكُم بِعاديَّ العَمَد


مَعشَرٌ فاتَ المَساعي سَعيُهُم


ضَلَّ مَن كاثَرَ رَملاً بِعَدَد


أَفسَدوا الدَهرَ عَلى أَولادِهِ


لا يُرى مِثلُهُمُ فيمَن وَلَد


يا مُعيدَ الماءِ في عودي وَيا


مُثبِتي بَعدَ اِضطِرابٍ وَأَوَد


ثَمَري اليَومَ لِمَن أَورَقَني


وَإِذا ما أَورَقَ الفَرعُ عَقَد


كُلَّ يَومٍ لَكَ نُعمى غَضَّةٌ


تَعقُدُ الفَخرَ بِأَطواقٍ جُدُد


رُبَّ مَنٍّ بَعدَ مَنٍ مِنكُمُ


جاءَ عَفواً وَيَداً مِن بَعدِ يَد


فَاِعتَقِدها ناظِماتٍ لِلعُلى


جامِعاتِ المَجدِ وَالمَجدُ بَدَد


مِن مَطايا الذِكرِ لا يَحسُرُها


أَبَداً وَعثُ بِلادٍ وَجَدَد


عُقَدٌ لِلمَجدِ باقٍ عَينُها


أَبَدَ الدَهرِ وَلِلمَجدِ عُقَد


خارِجِيّاتٌ يُبادونَ المَدى


وَلَها فيكَ بَواقٍ وَقُعُد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات