Skip to main content
search

لَمّا دَعاني الهَوى مِن رَبَّةِ الكِلَلِ

صَرفتُ عَمَّن سِواها نَحوَها أَمَلي

وَجِئتُ أَقصِدَها في أَوضِحِ السُبُلِ

حَتّى إِذا شارَفَت بي قادَةُ الإِبِلِ

نَجداً بَدَت نارُها عَن يُمنَةِ الجَبَلِ

فَظَنَّ صَحبي أَن دونَ الضِرامِ رَدى

فَهَوَّموا وَقَصَدتُ النارَ مُنفَرِدا

وَقَد تَيَقَنتُ في تَأميمِها رَشَداً

وَفي اِقتِرابي لَها مِنها سَمِعتُ نِدا

عَن جانِبِيَّ وَمِن خَلفي وَمِن قُبَلي

فَأَكثَرُ الصَحبَ مِن دونِ الحِمى وَقَفوا

وَأَنكَروا بِاللِوى ما البَنقا عَرَفوا

وَموهوا بِهَوى لَيماءَ وَاِنحَرَفوا

عَنِ الطَريقِ وَلَم يَدروا بِمَن كَلِفوا

فَعَوَّضوا بَعدَ طولِ الكَدِّ بِالقَفلِ

وَأَصبَحوا في مَدارٍ كُلَّما اِحتَمَلوا

داروا وَفي دارِهِم دونَ الصَفا نَزَلوا

دارٌ بِها الهَونُ وَالأَلآمُ وَالخَبَلُ

لِأَنَّهُم عَن مَصاعي عَدلِها عَدَلوا

مِن حَيثُ ضَلّو عَن الإِتيانِ في الظُلَلِ

راموا الوِصالَ وَعَن أَبوبِها اِنقَطَعوا

وَجاحَدوا ما رَأَو مِنها وَما سَمِعوا

فَغودِروا فِرَقاً مِن بَعدِ ما اِجتَمَعوا

وَبِالدَعاوي عَلَيها ضَلَّةً رَجِعوا

يُغوونَ عَن نَهجِها السُلّاكَ بِالحِيَلِ

فَاِبعِد بِهِم وَبِنَهجي في هَواكَ لُذِ

وَبِاِسمِ وَجدي مِن شَرِّ الغُواةِ عُذِ

وَاِصحَب لِمَن بِلَبّانِ الواجِدينَ غُذي

وَخُذ أَوامِرَها في الحُبِّ مُتَّخِذي

تُشهِدكَ شَمسُ ضُحاها الظُهرُ بِالطَفَلِ

فَتَغتَدي بِنَهارٍ لَيسَ يَغشاهُ

لَيلٌ بِظِلٍّ لِلَيلى طابَ مَأواهُ

لَم يَضحَ عَبدٌ بِهِ أَضحى وَمَولاهُ

بِاللُطفِ مِنهُ تَوَلّاهُ وَوَلّاهُ

وِلايَةً لَم يَكُن عَنها بِمُنعَزِلُ

سَرَت بِرحي إِلَيها بَعدَ ما أَسرَت

وَسَرَّتِ الهَمَّ عَن قَلبي غَداةَ سَرَت

وَمِن طَوِيِّ الثَرى لي في العُلى نَشَرَت

وَأَظهَرَتني بِها لي عِندَما ظَهَرَت

وَبِالمُنى آمَنتُ نَفسي مِن الوَجَلِ

في بَرقِ مَبسِمِها لَمّا أَضاءَ مَشَوا

وَحينَ أَظلَمَ عَن نَهجِ السَبيلِ عَشوا

وَاِستَغشَأوا مِن دُعاها ما عَلَيهِ نَشوا

مِن رَفضِها وَبِمُستَنِّ الغَرامِ وَشوا

إِلى عَداها بِزَورِ القَولِ وَالخَطَلِ

قالوا بِأَرخَصِ قَولي في هَواهُ غَلا

جَهلاً بِمَن عَن مَقالِ الواصِفينَ عَلا

وَلَو رَأَوا بَعضَ ما مِنهُ عَلَيَّ جَلا

في لا وَلا ما رَأَوا إِلّا وَلّاهُ وَلّا

وَبِالبَرا بانَتِ العُذّالُ عَن عَذَلي

إِن غابَ بِيَ الطَرفَ عَنهُ في تَحَجُّبِهِ

فَالقَلبُ مِنّي لَهُ أَضحى الشَهيدَ بِهِ

وَلا وَبَردٍ حَمى صَدري بِمَشرَبِهِ

ما زاغَ قَلبي عَنهُ في تَقَلُّبِهِ

لِناظِري في خِيامِ الحَيِّ بِالحِلَلَ

حَديثُ وَجدي قَديمٌ في مَحَبَّتِهِ

وَسامِراً لي غَدا في لَيلِ غَيبَتِهِ

وَلَم يَزَل ذاكِراً لي عَهدَ صُحبَتِهِ

مُنَعِّماً في الكَرى طَرفي بِرُؤيَتِهِ

فَلَيتَهُ يَقظَةً لي جادَ بِالأَمَلِ

لَم يَستَزِر طَيفَهُ لَيلاً سِوى سَهَري

وَلا جِلاهُ عَلى عَيني سِوى فِكَري

وَغَيبُ قَلبي الَّذي أَهواهُ بِالخَبَرِ

هُوَ حاضِرٌ بِعِياني وَهوَ مُنتَظِري

لِرَدِّ بالي بِإِبلالي مِنَ العِلَلِ

دَعِ الجِدالَ وَخَلِّ الفِسقَ وَالرَفَثا

إِذا حَجَجتَ إِلَيهِ وَاِغسُلِ الحدَثا

وَاِحرِم بِرَفضِ غَوِيٍّ بِالفَسادِ عَثا

وَاِجدُد إِلى الجَدِّ وَاِترُك دونَهُ العَبَثا

تَفُز بِحَلٍّ وَوَصلٍ غَيرِ مُنبَتِلِ

طَريقَتي في غَرامي لَيسَ يَعرِفُها

عَلى الحَقيقَةِ إِلّا مَن تَعَرَّفَها

مِمَّن لَهُ رَبُّها في البَدو عَرَّفَها

وَلَم يُذِعها إِلى غَمرٍ يُحَرِّفَها

عَن عَينِها ثُمَّ يُلقيها إِلى السُفَلِ

طاروا إِلَيها فَلَمّا أَن عَلَوا هَبَطوا

وَفي الصَوابِ بِظَنٍّ مِنهُمُ غَلِظوا

وَعِندَما عَدَّلوا عَن نَهجِها قَسَطوا

فَأَصبَحوا تَحتَ قَبضٍ بِعدَما اِنبَسَطوا

في الجاهِ وَالمالِ وَالأَخدانِ وَالخُوَلِ

المكزون السنجاري

المكزون السِّنجاري (583 - 638 هـ / 1187 - 1240 م)، هو الأمير عز الدين أبو محمد الحسن ابن يوسف بن مكزون بن خضر بن عبد الله بن محمد السنجاري. كاتب، وشاعر، وأديب وفقيه

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024