Skip to main content
search

لَقَد ضَلّ مَن يَسترقّ الهَوى

وَعَبدُ الغَرامِ طَويلُ الشَّقا

وَكَيفَ أَحلُّ بِدارِ الصَّواب

وَلي همّةٌ تزدري بالذُّرا

وتُظْلِمُ دونِيَ طُرْقُ الصّواب

وَمِنّي اِستَعارَ النَّهار السَّنا

رُويدَكِ يا خُدُعاتِ الزّمانِ

كَفاني فِعالُكِ فيمَن مَضى

جَذبتِ عَنانَ شَديد الجُموحِ

وَراوَدتِ مُستَهزِئاً بالرُّقى

يَعُدُّ الغِنى منك غُرمَ العقولِ

وَأَنّ ثَراءك مِثلُ الثرى

ومَنْ مَلأت سَمعَه الذابلاتُ

وَقَرعُ الظبا لَم يَرُعْه الصَّدى

رَمى الدَهرُ بي في فَمِ النائباتِ

كأنِّيَ في مُقلَتيهِ قَذى

وَلَم يَدرِ أنّيَ حتفُ الحُتوف

وَأَردَيتُ بِالسّيف عُمْرَ الرّدى

وَأَنّي لَبِستُ ثِيابَ العَراء

وَلا مُؤْنسٌ لِيَ غيرُ المَها

وَقَلبٌ نَبا عَنهُ كَيدُ الزّمانِ

فَما للمُنى في رُباهُ خُطا

إِذا نازَعَتني خُطوبُ الزَّمان

مَلأتُ بِهِ فُرُجاتِ المَلا

أُلوِّحُ بِالنَّقعِ وَجهَ النهارِ

وَأَحسرُ بالبيضِ وَجهَ الدجى

عَلى سابِحٍ في بِحارِ المنونِ

كفيلٍ بِوَطء الشَّوى بالشّوى

أَنالُ بِهِ فائِتاتِ الوُحوش

وَأَلمسُ مِن صَفحَتيه السُّها

إِذا ما نَظَرتُ إِلى لَونِهِ

رَأيتُ الدُّجى قَد تردّى الضُّحى

عَذيريَ مِن مدّعٍ لِلعُلى

وَلَم يَحنِ السَّير ظهرَ السُّرى

وَلا حَملتهُ ظُهورُ الجِياد

ولا رَوِيتْ في يَديهِ الظّبا

وَما كلُّ ذي عَضُدٍ باطشٌ

ولا كلُّ طرفٍ سليمٍ يرى

وَبَعض الأَنامِ الّذي تَرتَضيهِ

وَبَعض الرؤوسِ مَغاني الحِجى

فَكَم مِن طَريرٍ يَسوء الخبيرَ

وَكَم فَرَسٍ لا يُجارى العَفا

دَعِ الفِكرَ فيمَن أَعَلَّ الزّمانُ

وَإِلا فَقُم بِاِعتِدال الشِّفا

فما غيّرت كفُّ ذي صنعةٍ

بِأَخفى التحلّي مَكانَ الحُلى

وَلَلطبعُ أَقهرُ مِن طابعٍ

وَطرف الهَوى ما خَلا من عمى

سَقى اللَّهُ مَنزلَنا بِالكثيب

بِكَفِّ السّحائِب غَمْرَ الحيا

مَحلّ الغيوثِ وَمَأوى اللّيوث

وَبحرُ النّدى وَمَكان الغِنى

فَكَم قَد نعمت بِه ما اِشتهيْ

تُ مشتملاً بإزار الصِّبا

تُعانِقُني منهُ أَيدي الشّمال

وَيَلثِمُ خدّي نَسيمُ الصَّبا

وَكَم وَردتهُ رِكابُ العُفاةِ

فَأَصدرتها بِبلوغِ المُنى

إِذا ما طَمَتْ بِيَ أَشواقُه

دَعوتُ الحُسينَ فَغاضَ الأسى

فتىً لا تعثّر آراءَه

بِطرقِ المَكارم صمّ الصَّفا

يَجودُ بِما عَزَّ مِن مالِهِ

فإنْ سِيلَ أَدنى علاهُ أَبى

وَيَوماهُ في الفَخرِ مُستَيقنان

فَيومُ العَطاءِ ويومُ الوغى

يُفيض بِهذا جزيلَ الحِباءِ

وَيُقري بِهذا القَنا في القَرا

تَعرّف في الخلقِ بِالمَكرُمات

فَأَغنَتهُ عَن رائِقاتِ الكُنى

وَأَخرَسَ بِالمجدِ قَولَ العُداة

وَأَنطقَ خُرسَ اللَّها باللُّها

أَيا مَن كَبا فيهِ طِرفُ الحسود

فأمّا جوادُ مديحٍ فلا

تَمنّى أَعادِيكَ ما فارَقوه

وَمِن دونِ ما أمَّلوه العُلى

وَعِرضٌ يمزِّقُ مِرْطَ العُيوب

وَيَهتِكُ عَنهُ برودَ الخَنا

وَلَولا عُلوُّك عَن قَدرِهم

لَحَكَّمتَ فيهِم طِوالَ القنا

وَأَلحَظْتَ أعيُنَهم غُرّةً

تفارقُ مِنها الجسومُ الطُلى

لَقَد عَصَمتهُمْ سفاهاتُهُمْ

وكهفُ السَّفاهة بِئسَ الحِمى

أَبَى اللَّه وَالمجدُ والمشرفيُّ

وسُمرُ الرّماح مُرادَ العدا

تهنّأْ بشهرٍ تهنّأ منك

بِصدقِ اليقينِ وصدقِ التُقى

فَهَذا بِه تَستَضيء السّنون

وَأَنتَ بِمَجدكَ فَخرُ الوَرى

وَلَو فَطنَ الناسُ كنتَ السّوا

دَ مِن كلِّ طرفٍ مَكان المُقا

فَعِش عيشَةَ الدَّهرِ يا طرفَه

عَميمَ المَكارمِ ماضي الشَّبا

وَلا يَصبِرنَّكَ هَذا الزّمان

وأَنتَ المَطَا وَالأنام الصَّلا

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024