قد براها للسرى جذب براها

ديوان ابن معتوق الموسوي

قد بَراها للسُرى جذْبُ بُراها

فذَراها يأكلُ السّيرُ ذُراها

ودَعاها للحِمى داعي الهَوى

فدعاها فالهوى حيثُ دعاها

واِسقِياها من صَفا ذِكرِ الصّفا

وصِفا الخَيْفَ لها كي تُسكِراها

يا لها من أحرُفٍ مسطورةٍ

تسبِقُ الوَحيَ إذا الحادي تَلاها

ترتَمي شوقاً فلولا ثِقْلُ ما

في صُدورِ الرّكْبِ طارَتْ في سُراها

سُحْبُ صيفٍ قدْحُ أيديها الحصى

برقُها والرّعدُ أصواتُ رُغاها

كلّما حنّتْ لأرضِ المُنحنى

وكَلاها أقرحَ السَّوْقُ كُلاها

كم ترى من خلفِها من مروةٍ

وردَتْ أخفافُها بيضَ حصاها

سفنٌ تجري بأشباحٍ غدَتْ

معها غَرقى بطوفانِ بُكاها

ذاتُ أنفاسٍ حِرارٍ صيّرتْ

فحمةَ الظّلماءِ جَمراً في لَظاها

كلُّ ذي قلبٍ مَشوقٍ لم يزلْ

للمطايا زَجْرُهُ أوْهاً وآها

أسهُمٌ فوقَ سِهامٍ مثلها

لا يُصيبُ النُّجْحُ إلّا في خُطاها

تبتغي نَجماً بأطرافِ الحِمى

وهمُ همُّهُمُ بدرُ سَماها

أوشكَتْ تَعرُجُ فيها للسّما

إذ درَتْ قصدَهُم شمسُ ضُحاها

حيِّ أكنافَ الحِمى من أربُعٍ

ما سقَتْ أحياءَها المُزنُ حَياها

عرَصاتٌ عطّرَتْ أرجاءَها

بأريجِ المِسكِ أنفاسُ دماها

وبِقاعٌ قُدِّسَتْ لكنّها

نجّسَتْها الأُسْدُ في طَمْثِ ظُباها

ومغانٍ بالغواني لم تزل

غانياتٍ عن مصابيحِ دُجاها

سمكَ العزُّ بها أبنيةً

أفصحُ الأعرابِ ما ضمّ بِناها

كم ثَنايا في ثناياها دُجىً

مَبعَثُ الفجرِ إلَينا من كواها

جنّةٌ فيها اللآلي فُصِّلَتْ

واليواقيتُ ثُغورٌ أو شِفاها

ماؤها شهدٌ هَواها قرقَفٌ

طينُها العنبرُ والمِسْكُ ثَراها

كم بهِ بيتٍ غَدا مضمونُه

درّةً بيضاءَ من بيضِ ثَناها

وقَطوفٍ من جُمانٍ ذُلِّلَتْ

عزَّ كلَّ العزِّ مُستَحلي جَناها

يا بَني فهر سَلوا بَلقيسَكُم

كيف تَسبي مُهجَتي وهي سباها

واِسألوا أجفانَكُم عن صحّتي

فهي عنّا عوّضَتْ جِسمي ضَناها

وُرْقُ نجدٍ بعدَكم لي رحمةً

ندبَتْ شجواً ورقّتْ في ضَناها

وبكتْ لي وحشها حتّى محَتْ

كُحْلَها بالدّمعِ أحداقُ مَهاها

تلِفَتْ نفسي بكم إلّا شَفاً

والشِفاهُ اللُّعسُ لم يُمنَحْ شِفاها

هي تدري ما بها من نَبلِكُم

والعيونُ السّودُ تدري مَن رَماها

ويحَها كم تتّقي بأسَ الهوى

وعليٌّ كلَّ محذورٍ كَفاها

كفُّها كافِلُها عِصمَتُها

من أذى الدّهرِ إذا الدّهرُ دَهاها

كنزُها جوهرُها ياقوتُها

قوتُها قوّتُها خمسُ قَواها

زينةُ الدُنيا وأهلِيها معاً

طوقُها دُملُجها تاجُ عُلاها

ساعِدُ الهيجاءِ مُوري زندِها

سيفُها عاملُها قُطْبُ رَحاها

موسويٌّ عنده إذ لم تجدْ

نارَ موسى فيه إذ لاحَ هُداها

قد حكاها في اليدِ البيضا وفي

رُمحِه عن عزمِه سرُّ عَصاها

حيدريٌّ أوشكَتْ راحاتُه

تلتَظي نيرانُها لولا نَداها

غيثُ جودٍ لو أصابَتْ قطرةٌ

منه رَضْوى كان يخضرُّ صَفاها

ليثُ حربٍ أشفقَتْ أُسْدُ الشّرى

منه حتّى بايعَتْهُ في شراها

خائِضُ الحربِ الّتي نيرانُها

في التّلاقي تنزعُ الأُسْدَ شَواها

فالقُ الهاماتِ بالقُضبِ الّتي

حين تُنضى يفلِقُ اللّيلَ سناها

يحسَبُ البيضَ ثنايا خُرّدٍ

وعليها الدّم معسولَ لِماها

حازَتِ النّصرَ لها ألويةٌ

جعلت معكوسهُ حظَّ عِداها

كلّما كبّر في حَشْرِ وغىً

سبّح الصّفُّ لآياتٍ يَراها

سورةُ الرّحمن في صورته

كُتبَتْ بالنّورِ في لوحِ صَفاها

ملكٌ قد شرُفَ المُلكُ به

واِزدهى المنصِبُ والمجدُ تَناهى

طيّبٌ لو لم تصِلْ أخبارُه

شجرَ الكافورِ ما طابَ شَذاها

لو صَبا نجدٍ تلتْ في مدحِه

بَيتَ شِعرٍ لحكى العود غضاها

أو تغنّت وُرقُها في شِعرِه

هزّتِ الأعطافَ بالرّقْصِ رُباها

لسِنٌ كلُّ لآلٍ يدُه

فرّقَتْها هو في النُطْقِ حَواها

بحرُ عِلمٍ لجُّهُ من جعفَرٍ

قبَسٌ شُعلتُه من نُور طهَ

كم بروضاتِ القراطيسِ له

كلماتٌ تشبهُ الزّهرَ رَواها

علمُه نورٌ مُبينٌ للهُدى

ظلُماتُ النُّصْبِ بالنّصِّ جَلاها

جادَ في خَيرِ مَقالٍ صِدقُه

شُبهَ الباطلِ بالحقِّ مَحاها

طاهرٌ لو سبقَ الدّهرُ به

جاذبَ العِترةَ في فضلِ كِساها

سمِحٌ يبسُطُ للوفدِ يداً

تمّ معنى الجودِ فيها وتناهى

راحةٌ مبسوطةٌ لو مدّها

للسّما أمكنَها قبْضُ سُهاها

نارُها مشبوبةٌ في لجِّها

تقذِفُ العسجدَ أمواجُ لُهاها

ظُلِّلَتْ علياؤهُ في رايةٍ

تنسِفُ الأعلامَ في خفْقِ لِواها

رايةٌ منصوبةٌ في رفعِها

تنصبُ الأعداءُ في كيِّ جَواها

حائزٌ غُرَّ خِصالٍ زيّنَتْ

عطلَ الأيّامِ في حُسْنِ حُلاها

غبَطَتْها أنجُمُ الأفْقِ فَها

هيَ في الإشراقِ فيها لا تُضاهى

لو بأفكارِ اللّيالي خطرَتْ

بيّضَتْ أنوارُها سودَ إماها

يا عليَّ المجدِ لا زالَتْ بكُم

تشرقُ الدُنيا ولا زِلتُم ضِياها

ولدَتْكُم والنّواصي شُعلةٌ

فجرى في عودِها ماءُ صِباها

كانتِ الأيّامُ مرضى قبلَكُم

فاِستفادَتْ من معانيكُم دَواها

حسُنَتْ أوقاتُها فيكُم فلا

زلتُمُ يا رونَقَ الدّهرِ بَهاها

كلُّ أخبارِ المعالي والنّدى

عنكمُ صحّتْ ومنكُم مُبتداها

عِترةٌ قد صحّ عندي أنّها

ليس للأيّامِ أرواحٌ سِواها

سيّدي هُنّيتَ بالصّومِ وفي

بهجةِ الإفطارِ واِنعَمْ في هَناها

وتلقَّ العيدَ بالبِشْرِ فقد

جاءَ منكُم يجتدي قَدراً وجاها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معتوق، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات