قدم لنفسك في الحياة تزودا

ديوان علي بن أبي طالب

قَدِّم لِنَفسِكَ في الحَياةِ تَزَوُّداً

فَلَقَد تَفارِقُها وَأَنتَ مُوِّدِعُ

وَاهتَمَّ لِلسَفَرِ القَريبِ فَإِنَّهُ

أَنأى مِنَ السَفَرِ البَعيدِ وَأَشسَعُ

وَاجعَل تَزَوُّدَكَ المَخافَةَ وَالتُّقى

وَكَأَنَّ حَتفَكَ مِن مسائِكَ أَسرَعُ

وَاقنَع بِقوتِكَ فَالقِناعُ هُوَ الغِنى

وَالفَقرُ مَقرونٌ بِمنَ لا يَقنَعُ

وَاَحذَر مُصاحَبَةَ اللِئام فإِنَّهمِ

مَنَعوكَ صَفوَ وِدادِهِم وَتَصَنَّعوا

أَهَلُ التَصَنُّعِ ما أَنَلتَهُمُ الرِضى

وَإِذا مَنعتَ فَسُمُّهُم لَكَ مُنقَعُ

لا تَفشِ سِرّاً ما اِستَطَعتَ إِلى اِمرئٍ

يَفشي إِلَيكَ سَرائراً يُستَودَعُ

فَكَما تَراهُ بِسِرِّ غَيرِكَ صانِعاً

فَكَذا بِسِرِّكَ لا مَحالَةَ يَصنَعُ

لا تَبدَأَنَّ بِمَنطِقٍ في مَجلِسٍ

قَبلَ السُؤالِ فَإِنَّ ذاكَ يَشنعُ

فَالصَمتُ يُحسِنُ كُلَّ ظَنٍ بِالفَتى

وَلَعَلَّهُ خَرقٌ سَفيهٌ أَرقَعُ

وَدَعِ المُزاحَ فَرُبَّ لَفظَةِ مازِحٍ

جَلَبَت إَلَيكَ مساوئاً لا تُدفَعُ

وَحِفاظَ جارِكَ لا تُضِعهُ فَإِنَهُ

لا يَبلُغُ الشَرَفُ الجَسيمُ مُضيِّعُ

وَإِذا اَستَقالَكَ ذو الإِساءَةٍ عَثرَةً

فَأَقِلهُ إِنَّ ثَوابَ ذَلِكَ أَوسَعُ

وَإِذا ائتُمِنتَ عَلى السَرائِرِ فَاِخفِها

وَاَستُر عُيوبَ أَخيكَ حينَ تَطلَّعُ

لا تَجزَعَنَّ مِنَ الحَوادِثِ إِنَّما

خَرقُ الرِجالِ عَلى الحَوادِثِ يُجزِعُ

وَأَطِع أَباكَ بِكُلِّ ما أَوصى بِهِ

إِنَّ المُطيعَ أَباهُ لا يَتَضَعضَعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان علي بن أبي طالب، شعراء صدر الإسلام، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات