Skip to main content
search

طَرَقَتكَ زائِرَةً فَحَيِّ خَيالَها

بَيضاءُ تُخلِطُ بِالحَياءِ دَلالَها

قادَت فُؤادَكَ فَاِستَقادَ وَمِثلُها

قادَ القُلوبَ إِلى الصِبا فَأَمالَها

وَكَأَنَّما طَرَقَت بِنَفحَةِ رَوضَةٍ

سَحَّت بِها دِيَمُ الرَبيعِ ظِلالَها

باتَت تُسائِلُ في المَنامِ مُعَرِّساً

بِالبيدِ أَشعَثَ لا يَمَلُّ سُؤالَها

في فِتيَةِ هَجَعوا غِراراً بَعدَما

سَئِمو مُراعَشَةَ السُرى وَمِطالَها

فَكَأَنَّ حَشوَ ثِيابِهِم هِندِيَّةٌ

نَحَلَت وَأَغفَلَتِ العُيونُ صَقالَها

وَضَعوا الخُدودَ لَدى سَواهِمَ جُنَّحٍ

تَشكو كُلومَ صِفاحِها وَكَلالَها

طَلَبَت أَميرَ المُؤمِنينَ فَواصَلَت

بَعدَ السُرى بِغُدُوِّها آصالَها

نَزَعَت إِلَيكَ صَوادِياً فَتَقاذَفَت

تَطوي الفَلاةَ حُزونَها وَرِمالَها

يَتبَعنَ ناجِيَةً يَهُزُّ مِراحُها

بَعدَ النُحولِ تَليلَها وَقَذالِها

هَوجاءَ تَدَّرِعُ الرُبا وَتَشُقُّها

شَقَّ الشَموسِ إِذا تُراعُ جِلالَها

تَنجو إِذا رُفِعَ القَطيعُ كَما نَجَت

خَرجاءُ بادَرَتِ الظَلامَ رِئالَها

كَالقَوسِ ساهِمَةٌ أَتَتكَ وَقَد تُرى

كَالبُرجِ تَملأُ رَحلَها وَحِبالَها

أَحيا أَميرُ المُؤمِنينَ مُحَمَّدٌ

سُنَنَ النّبِيِّ حَرامَها وَحَلالَها

مَلِكٌ تَفَرَّعَ نَبعُهُ مِن هاشِمٍ

مَدَّ الإِلهُ عَلى الأَنامِ ظِلالَها

جَبَلٌ لِأُمَّتِهِ تَلوذُ بِرُكنِهِ

رادى جِبالَ عَدُوِّها فَأَزالَها

لَم تَغشَها مِمّا تَخافُ عَظيمَةٌ

إِلّا أَجالَ لَها الأُمورَ مَجالَها

حَتّى يُفَرِّجها أَغَرُّ مُبارَكٌ

أَلفى أَباهُ مُفَرِّجاً أَمثالَها

ثَبتٌ عَلى زَلَلِ الحَوادِثِ راكِبٌ

مِن صَرفِهِنَّ لِكُلِّ حالٍ حالَها

كِلتا يَدَيكَ جَعَلتَ فَضلَ نَوالِها

لِلمُسلِمينَ وفي العَدُوِّ وَبالَها

وَقَعَت مَواقِعها بِعَفوِكَ أَنفُسٌ

أَذهَبتَ بَعدَ مَخافَةٍ أَوجالَها

أَمَّنتَ غَيرَ مُعاقِبٍ طُرّادَها

وَفَكَكتَ مِن أُسَرائِها أَغلالَها

وَنَصَبتَ نَفسَكَ خَيرَ نَفسٍ دونَها

وَجَعَلتَ مالَكَ واقِياً أَموالَها

هَل تَعَمونَ خَليفَةً مِن قَبلِهِ

أَجرى لِغايَتِهِ الَّتي أَجرى لَها

طَلَع الدُروب مُشَمِّراً عَن ساقِهِ

بِالخَيلِ مُنصَلِتاً يُجَدُّ نِعالَها

قُوداً تُريعُ إِلى أَغَرَّ لِوَجهِهِ

نورٌ يُضيءُ أَمامَها وَخِلالَها

قَصُرَت حَمائِلُهُ عَلَيهَ فَقَلَّصَت

وَلَقد تَحَفَّظَ قَينُها فَأَطالَها

حَتّى إِذا وَرَدَت أَوائِلُ خَيلِهِ

جَيحانَ بَثَّ عَلى العَدُوِّ رِعالَها

أَحمى بِلادَ المُسلِمينَ عَلَيهِم

وَأَباحَ سَهلَ بِلادِهِم وَجِبالَها

أَدمَت دَوابِرَ خَيلِهِ وَشَكيمها

غاراتُهُنَّ وَأَلحَقَت آطالَها

لَم تُبقِ بَعدَ مَقادِها وَطِرادِها

إِلّا نَحائِرَها وَإِلّا آلَها

هَل تَطمِسونُ مِنَ السَماءِ نُجومَها

بِأَكُفِّكُم أَم تَستُرونُ هِلالَها

أَم تَجحَدونَ مَقالَةً عَن رَبِّكُم

جبِريلُ بَلَّغَها النَبِيَّ فَقالَها

شَهِدَت مِنَ الأَنفالِ آخِرُ آيَةٍ

بِتُراثِهِم فَأَرَدتُمُ إِبطالَها

فَذَروا الأُسودَ خَوادِراً في غيلِها

لا تولِغُنَّ دِماءَكُم أَشبالَها

رَقَع الخَليفَةُ ناظِرَيَّ وَراشَني

بِيَدٍ مُبارَكَةٍ شَكَرتُ نَوالَها

وَحُسِدتُ حَتّى قيلَ أَصبَحَ باغِياً

في المَشيِ مُتَرَفَ شيمَة مُختالَها

وَلَقَد حَذَوتَ لِمَن أَطاعَ وَمَن عَصى

نَعلاً وَرِثتَ عَنِ النَبِيِّ مِثالَها

مروان بن أبي حفصة

مروان بن أبي حفصة سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأمويّ.(105 - 182 هـ = 723 - 798 م) وهو شاعر عالي الطبقة، من شعراء صدر الإسلام، يكنى أبا السِّمْط. كان جدّه أبو حفصة مولى لمروان بن الحكم أعتقه يوم الدار، ولد باليمامة من أسرة عريقة في قول الشعر، وأدرك العصرين الأموي والعباسي، مدح الخلفاء والأمراء، وسائر شِعرِه سائرٌ لحُسْنِه وفُحُولته، واشتهر اسمه. وحكى عنه خَلَف الأحمر، والأصمعيّ.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024