Skip to main content
search

صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه

وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه

وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَسُدِّدَت

عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه

وَقالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا

وَكانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه

فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي

وَإِلّا سَوادَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه

لِمَن طَلَلٌ كَالوَحيِ عافٍ مَنازِلُه

عَفا الرَسُّ مِنهُ فَالرُسَيسُ فَعاقِلُه

فَرَقدٌ فَصاراتٌ فَأَكنافُ مَنعِجٍ

فَشَرقِيُّ سَلمى حَوضُهُ فَأَجاوِلُه

فَوادي البَدِيِّ فَالطَوِيُّ فَثادِقٌ

فَوادي القَنانِ جِزعُهُ فَأَفاكِلُه

وَغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ

أَجابَت رَوابيهِ النِجا وَهَواطِلُه

هَبَطتُ بِمَمسودِ النَواشِرِ سابِحٍ

مُمَرٍّ أَسيلِ الخَدِّ نَهدٍ مَراكِلُه

تَميمٍ فَلَوناهُ فَأُكمِلَ صُنعُهُ

فَتَمَّ وَعَزَّتهُ يَداهُ وَكاهِلُه

أَمينٍ شَظاهُ لَم يُخَرَّق صِفاقُهُ

بِمِنقَبَةٍ وَلَم تُقَطَّع أَباجِلُه

إِذا ما غَدَونا نَبتَغي الصَيدَ مَرَّةً

مَتى نَرَهُ فَإِنَّنا لا نُخاتِلُه

فَبَينا نُبَغّي الصَيدَ جاءَ غُلامُنا

يَدِبُّ وَيُخفي شَخصَهُ وَيُضائِلُه

فَقالَ شِياهٌ راتِعاتٌ بِقَفرَةٍ

بِمُستَأسِدِ القُريانِ حُوٍّ مَسائِلُه

ثَلاثٌ كَأَقواسِ السَراءِ وَمِسحَلٌ

قَدِ اِخضَرَّ مِن لَسِّ الغَميرِ جَحافِلُه

وَقَد خَرَّمَ الطُرّادُ عَنهُ جِحاشَهُ

فَلَم يَبقَ إِلّا نَفسُهُ وَحَلائِلُه

فَقالَ أَميري ما تَرى رَأيَ ما نَرى

أَنَختِلُهُ عَن نَفسِهِ أَم نُصاوِلُه

فَبِتنا عُراةً عِندَ رَأسِ جَوادِنا

يُزاوِلُنا عَن نَفسِهِ وَنُزاوِلُه

وَنَضرِبُهُ حَتّى اِطمَئَنَّ قَذالُهُ

وَلَم يَطمَئِنَّ قَلبُهُ وَخَصائِلُه

وَمُلجِمُنا ما إِن يَنالُ قَذالَهُ

وَلا قَدَماهُ الأَرضَ إِلّا أَنامِلُه

فَلَأياً بِلَأيٍ ما حَمَلنا وَليدَنا

عَلى ظَهرِ مَحبوكٍ ظِماءٍ مَفاصِلُه

وَقُلتُ لَهُ سَدِّد وَأَبصِر طَريقَهُ

وَما هُوَ فيهِ عَن وَصاتِيَ شاغِلُه

وَقُلتُ تَعَلَّم أَنَّ لِلصَيدِ غِرَّةً

وَإِلّا تُضَيِّعها فَإِنَّكَ قاتِلُه

فَتَبَّعَ آثارَ الشِياهِ وَليدُنا

كَشُؤبوبِ غَيثٍ يَحفِشُ الأُكمَ وابِلُه

نَظَرتُ إِلَيهِ نَظرَةً فَرَأَيتُهُ

عَلى كُلِّ حالٍ مَرَّةً هُوَ حامِلُه

يُثِرنَ الحَصى في وَجهِهِ وَهوَ لاحِقٌ

سِراعٌ تَواليهِ صِيابٌ أَوائِلُه

فَرَدَّ عَلَينا العَيرَ مِن دونِ إِلفِهِ

عَلى رُغمِهِ يَدمى نَساهُ وَفائِلُه

فَرُحنا بِهِ يَنضو الجِيادَ عَشِيَّةً

مُخَضَّبَةً أَرساغُهُ وَعَوامِلُه

بِذي مَيعَةٍ لا مَوضِعُ الرُمحِ مُسلِمٌ

لِبُطءٍ وَلا ما خَلفَ ذالِكَ خاذِلُه

وَأَبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ

عَلى مُعتَفيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُه

بَكَرتُ عَلَيهِ غُدوَةً فَرَأَيتُهُ

قُعوداً لَدَيهِ بِالصَريمِ عَواذِلُه

يُفَدّينَهُ طَوراً وَطَوراً يَلُمنَهُ

وَأَعيا فَما يَدرينَ أَينَ مَخاتِلُه

فَأَقصَرنَ مِنهُ عَن كَريمٍ مُرَزَّءٍ

عَزومٍ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ فاعِلُه

أَخي ثِقَةٍ لا تُتلِفُ الخَمرُ مالَهُ

وَلَكِنَّهُ قَد يُهلِكُ المالَ نائِلُه

تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً

كَأَنَّكَ تُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه

وَذي نَسَبٍ ناءٍ بَعيدٍ وَصَلتَهُ

بِمالٍ وَما يَدري بِأَنَّكَ واصِلُه

وَذي نِعمَةٍ تَمَّمتَها وَشَكَرتَها

وَخَصمٍ يَكادُ يَغلِبُ الحَقَّ باطِلُه

دَفَعتَ بِمَعروفٍ مِنَ القَولِ صائِبٍ

إِذا ما أَضَلَّ الناطِقينَ مَفاصِلُه

وَذي خَطَلٍ في القَولِ يَحسِبُ أَنَّهُ

مُصيبٌ فَما يُلمِم بِهِ فَهوَ قائِلُه

عَبَأتَ لَهُ حِلماً وَأَكرَمتَ غَيرَهُ

وَأَعرَضتَ عَنهُ وَهوَ بادٍ مَقاتِلُه

حُذَيفَةُ يُنميهِ وَبَدرٌ كِلاهُما

إِلى باذِخٍ يَعلو عَلى مَن يُطاوِلُه

وَمَن مِثلُ حِصنٍ في الحُروبِ وَمِثلُهُ

لِإِنكارِ ضَيمٍ أَو لِأَمرٍ يُحاوِلُه

أَبى الضَيمَ وَالنُعمانُ يَحرِقُ نابُهُ

عَلَيهِ فَأَفضى وَالسُيوفُ مَعاقِلُه

عَزيزٌ إِذا حَلَّ الحَليفانِ حَولَهُ

بِذي لَجَبٍ لَجّاتُهُ وَصَواهِلُه

يُهَدُّ لَهُ ما دونَ رَملَةِ عالِجٍ

وَمَن أَهلُهُ بِالغَورِ زالَت زَلازِلُه

وَأَهلِ خِباءٍ صالِحٍ ذاتُ بَينِهِم

قَدِ اِحتَرَبوا في عاجِلٍ أَنا آجِلُه

فَأَقبَلتُ في الساعينَ أَسأَلُ عَنهُمُ

سُؤالَكَ بِالشَيءِ الَّذي أَنتَ جاهِلُه

زهير بن أبي سلمى

زُهير بن أبي سُلْمى المزني (520 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزُهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024