سلي الرماح العوالي عن معالينا

ديوان صفي الدين الحلي

سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا

وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا

وَسائِلي العُربَ وَالأَتراكَ ما فَعَلَت

في أَرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَهِ أَيدينا

لَمّا سَعَينا فَما رَقَّت عَزائِمُنا

عَمّا نَرومُ وَلا خابَت مَساعينا

يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَد

دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا

بِضُمَّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَةً

إِلّا لِنَغزو بِها مَن باتَ يَغزونا

وَفِتيَةٍ إِن نَقُل أَصغَوا مَسامِعَهُم

لِقَولِنا أَو دَعَوناهُم أَجابونا

قَومٌ إِذا اِستُخصِموا كانوا فَراعِنَةً

يَوماً وَإِن حُكِّموا كانوا مَوازينا

تَدَرَّعوا العَقلَ جِلباباً فَإِن حَمِيَت

نارُ الوَغى خِلتَهُم فيها مَجانينا

إِذا اِدَّعَوا جاءَتِ الدُنيا مُصَدِّقَةً

وَإِن دَعَوا قالَتِ الأَيّامُ آمينا

إِنَّ الزَرازيرَ لَمّا قامَ قائِمُها

تَوَهَّمَت أَنَّها صارَت شَواهينا

ظَنَّت تَأَنّي البُزاةِ الشُهبِ عَن جَزَعٍ

وَما دَرَت أَنَهُ قَد كانَ تَهوينا

بَيادِقٌ ظَفِرَت أَيدي الرِخاخِ بِها

وَلَو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا

ذَلّوا بِأَسيافِنا طولَ الزَمانِ فَمُذ

تَحَكَّموا أَظهَروا أَحقادَهُم فينا

لَم يُغنِهِم مالُنا عَن نَهبِ أَنفُسِنا

كَأَنَّهُم في أَمانٍ مِن تَقاضينا

أَخلوا المَساجِدَ مِن أَشياخِنا وَبَغَوا

حَتّى حَمَلنا فَأَخلَينا الدَواوينا

ثُمَّ اِنثَنَينا وَقَد ظَلَت صَوارِمُنا

تَميسُ عُجباً وَيَهتَزُّ القَنا لينا

وَلِلدِماءِ عَلى أَثوابِنا عَلَقٌ

بِنَشرِهِ عَن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا

فَيا لَها دَعوَةً في الأَرضِ سائِرَةً

قَد أَصبَحَت في فَمِ الأَيّامِ تَلقينا

إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفاً

أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا

بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا

خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا

لا يَظهَرُ العَجزُ مِنّا دونَ نَيلِ مُنىً

وَلَو رَأَينا المَنايا في أَمانينا

ما أَعوَزَتنا فَرامينٌ نَصولُ بِها

إِلا جَعَلنا مَواضينا فَرامينا

إِذا جَرَينا إِلى سَبقِ العُلى طَلَقاً

إِن لَم نَكُن سُبَّقاً كُنّا مُصَلّينا

تُدافِعُ القَدَرَ المَحتومَ هِمَّتُنا

عَنّا وَنَخصِمُ صَرفَ الدَهرِ لَو شينا

نَغشى الخُطوبَ بِأَيدينا فَنَدفَعُها

وَإِن دَهَتنا دَفَعناها بِأَيدينا

مُلكٌ إِذا فُوِّقَت نَبلُ العَدُوِّ لَنا

رَمَت عَزائِمَهُ مَن باتَ يَرمينا

عَزائِمٌ كَالنُجومِ الشُهبِ ثاقِبَةً

ما زالَ يُحرِقُ مِنهُنَّ الشَياطينا

أَعطى فَلا جودُهُ قَد كانَ عَن غَلَطٍ

مِنهُ وَلا أَجرُهُ قَد كانَ مَمنونا

كَم مِن عَدُوٍّ لَنا أَمسى بِسَطوَتِهِ

يُبدي الخُضوعَ لَنا خَتلاً وَتَسكينا

كَالصِلِّ يُظهِرُ ليناً عِندَ مَلمَسِهِ

حَتّى يُصادِفَ في الأَعضاءِ تَمكينا

يَطوي لَنا الغَدرَ في نُصحٍ يُشيرُ بِهِ

وَيَمزُجُ السُمَّ في شَهدٍ وَيَسقينا

وَقَد نَغُضُّ وَنُغضي عَن قَبائِحِهِ

وَلَم يَكُن عَجَزاً عَنهُ تَغاضينا

لَكِن تَرَكناهُ إِذ بِتنا عَلى ثِقَةٍ

إِنَّ الأَميرَ يُكافيهِ فَيَكفينا

Recommended1 إعجاب واحدنشرت في ديوان صفي الدين الحلي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات