ذكرت صبابتي من بعد حين

ديوان عنترة بن شداد

ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ

فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ

وَحَنَّ إِلى الحِجازِ القَلبُ مِنّي

فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ

أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ

أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ

رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ

تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ

فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواد

وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ

وَناداني عِنانٌ في شِمالي

وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني

أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ

وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني

فَكَم يَشكو كَريمٌ مِن لَئيمٍ

وَكَم يَلقى هِجانٌ مِن هَجينِ

وَما وَجَدَ الأَعادي فِيَّ عَيب

فَعابوني بِلَونٍ في العُيونِ

وَما لي في الشَدائِدِ مِن مُعينٍ

سِوى قَيسَ الَّذي مِنهُ يَقيني

كَريمٌ في النَوائِبِ أَرتَجيهِ

كَما هُوَ لِلمَعامِعِ يَصطَفيني

لَقَد أَضحى مَتيناً حَبلُ راجٍ

تَمَسَّكَ مِنهُ بِالحَبلِ المَتينِ

مِنَ القَومِ الكِرامِ وَهُم شُموسٌ

وَلَكِن لا تُوارى بِالدُجونِ

إِذا شَهِدوا هِياجاً قُلتَ أُسدٌ

مِنَ السُمرِ الذَوابِلِ في عَرينِ

أَيا مَلِكاً حَوى رُتَبَ المَعالي

إِلَيكَ قَدِ اِلتَجَأتُ فَكُن مُعيني

حَلَلتَ مِنَ السَعادَةِ في مَكانٍ

رَفيعِ القَدرِ مُنقَطِعِ القَرينِ

فَمَن عاداكَ في ذُلٍّ شَديدٍ

وَمَن والاكَ في عِزٍّ مُبينِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عنترة بن شداد، شعراء العصر الجاهلي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

السّعادةُ والشّقاءُ

يختلفُ مفهومُ السّعادةِ والشّقاءِ باختلافِ المجالِ الفكريِّ والآراءِ والتَّوجُّهاتِ، فنجدُ مفاهيمَ عديدةً تختلفُ بينَ اللُّغةِ والفلسفةِ وعلمِ النَّفسِ والاجتماعِ والدّينِ وغيرِها من مجالاتِ الفكرِ والمعرفةِ…

تعليقات