Skip to main content
search

تَقي جَمَحاتي لَستُ طَوعَ مُؤَنِّبي

وَلَيسَ جَنيبي إِن عَذَلتِ بِمُصحِبي

فَلَم توفِدي سُخطاً إِلى مُتَنَصِّلٍ

وَلَم تُنزِلي عَتباً بِساحَةِ مُعتِبِ

رَضيتُ الهَوى وَالشَوقَ خِدناً وَصاحِباً

فَإِن أَنتِ لَم تَرضَي بِذَلِكَ فَاِغضَبي

تُصَرِّفُ حالاتُ الفِراقِ مُصَرَّفي

عَلى صَعبِ حالاتِ الأَسى وَمُقَلَّبي

وَلي بَدَنٌ يَأوي إِذا الحُبُّ ضافَهُ

إِلى كَبِدٍ حَرّى وَقَلبٍ مُعَذَّبِ

وَخوطِيَّةٍ شَمسِيَّةٍ رَشَئِيَّةٍ

مُهَفهَفَةِ الأَعلى رَداحِ المُحَقَّبِ

تُصَدِّعُ شَملَ القَلبِ مِن كُلِّ وِجهَةٍ

وَتَشعَبُهُ بِالبَثِّ مِن كُلِّ مَشعَبِ

بِمُختَبِلٍ ساجٍ مِنَ الطَرفِ أَحوَرٍ

وَمُقتَبِلٍ صافٍ مِنَ الثَغرِ أَشنَبِ

مِنَ المُعطَياتِ الحُسنَ وَالمُؤتَياتِهِ

مُجَلبَبَةً أَو فاضِلاً لَم تُجَلبَبِ

لَوَ اَنَّ اِمرَأَ القَيسِ بنَ حُجرٍ بَدَت لَهُ

لَما قالَ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندُبِ

فَتِلكَ شُقوري لا اِرتِيادُكِ بِالأَذى

مَحَلِّيَ إِلّا تَبكُري تَتَأَوَّبي

أَحاوَلتِ إِرشادي فَعَقلِيَ مُرشِدي

أَمِ اِستَمتِ تَأديبي فَدَهري مُؤَدِّبي

هُما أَظلَما حالَيَّ ثُمَّتَ أَجلَيا

ظَلامَيهِما عَن وَجهِ أَمرَدَ أَشيَبِ

شَجىً في حُلوقِ الحادِثاتِ مُشَرِّقٍ

بِهِ عَزمُهُ في التُرُّهاتِ مُغَرِّبِ

كَأَنَّ لَهُ دَيناً عَلى كُلِّ مَشرِقٍ

مِنَ الأَرضِ أَو ثَأراً لَدى كُلِّ مَغرِبِ

رَأَيتُ لِعَيّاشٍ خَلائِقَ لَم تَكُن

لِتَكمُلَ إِلّا في اللُبابِ المُهَذَّبِ

لَهُ كَرَمٌ لَو كانَ في الماءِ لَم يَغِض

وَفي البَرقِ ما شامَ اِمرُؤٌ بَرقَ خُلَّبِ

أَخو أَزَماتٍ بَذلُهُ بَذلُ مُحسِنٍ

إِلَينا وَلَكِن عُذرُهُ عُذرُ مُذنِبِ

إِذا أَمَّهُ العافونَ أَلفَوا حِياضَهُ

مِلاءً وَأَلفَوا رَوضَهُ غَيرَ مُجدِبِ

إِذا قالَ أَهلاً مَرحَباً نَبَعَت لَهُم

مِياهُ النَدى مِن تَحتِ أَهلٍ وَمَرحَبِ

يَهولُكَ أَن تَلقاهُ صَدراً لِمَحفِلٍ

وَنَحراً لِأَعداءٍ وَقَلباً لِمَوكِبِ

مَصادٌ تَلاقَت لُوَّذاً بِرُيودِهِ

قبائِلُ حَيَّي حَضرَمَوتَ وَيَعرُبِ

بِأَروَعِ مَضّاءٍ عَلى كُلِّ أَروَعٍ

وَأَغلَبِ مِقدامٍ عَلى كُلِّ أَغلَبِ

كَلَوذِهِمُ فيما مَضى مِن جُدودِهِ

بِذي العُرفِ وَالإِحمادِ قَيلٍ وَمَرحَبِ

ذَوونَ قُيولٌ لَم تَزَل كُلُّ حَلبَةٍ

تَمَزَّقُ مِنهُم عَن أَغَرَّ مُحَنَّبِ

هُمامٌ كَنَصلِ السَيفِ كَيفَ هَزَزتَهُ

وَجَدتَ المَنايا مِنهُ في كُلِّ مَضرِبِ

تَرَكتَ حُطاماً مَنكِبَ الدَهرِ إِذ نَوى

زِحامِيَ لَمّا أَن جَعَلتُكَ مَنكِبي

وَما ضيقُ أَقطارِ البِلادِ أَضافَني

إِلَيكَ وَلَكِن مَذهَبي فيكَ مَذهَبي

وَأَنتَ بِمِصرٍ غايَتي وَقَرابَتي

بِها وَبَنو الآباءِ فيها بَنو أَبي

وَلا غَروَ أَن وَطَّأتَ أَكنافَ مَرتَعي

لِمُهمِلِ أَخفاضي وَرَفَّهتَ مَشرَبي

فَقَوَّمتَ لي ما اِعوَجَّ مِن قَصدِ هِمَّتي

وَبَيَّضتَ لي ما اِسوَدَّ مِن وَجهِ مَطلَبي

وَهاتا ثِيابُ المَدحِ فَاِجرُر ذُيولَها

عَلَيكَ وَهَذا مَركَبُ الحَمدِ فَاِركَبِ

أبو تمام

أَبو تَمّام (188 - 231 هـ / 788-845 م) هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد أمراء البيان، في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024