Skip to main content
search

اليَومَ عادَ رَجائي مورِقَ العودِ

وَأَنجَزَ الدَهرُ مِنهُ كُلَّ مَوعودِ

العيدُ عادَ إِلى عودي بِخُضرَتِهِ

وَالحالُ حالَ عَلى حالي بِتَجديدِ

وَاليُمنُ مِن عَن يَميني غَيرُ مُنقَطِعٍ

وَاليُسرُ مِن عَن يساري غَيرُ مَصدودِ

وَكُلُّ هَذا بِيُمنٍ عادَ يَشمَلُني

مِن مَقدَمٍ لِأَمينِ المُلكِ محمودِ

إِذ عادَ بِالطائِرِ المَيمونِ مُبتَهِجاً

يَختالُ ما بَينَ تَمكينٍ وَتَأييدِ

وَجاءَ في مَوكِبِ الإِقبالِ يَنشُرُ مِن

نَصرٍ بِناصيَةِ الراياتِ مَعقودِ

وَجَرَّ ذَيلَ العُلا وَالمَجدِ يَخطِرُ في

رَيعٍ مِنَ العِزِّ مَعمورٍ بِتَخليدِ

فَاِرتاحَ رَكبُ بَني الآمالِ قاطِبَةً

إِلَيهِ يُحدَونَ بِالمَهرِيَّةِ القودِ

يَسرونَ في البيدِ أَرسالاً وَسَيرُهُم

إِلى فَتىً صَدرُهُ أَفضى مِن البيدِ

يَستَمطِرونَ النَدى مِن كَفِّ ذي كَرَمٍ

يُعطيكَ مِن غَيرِ تَكديرٍ وَتَنكيدِ

فَتىً غَدا الجودُ مَوجوداً بَخِلقَتِهِ

وَلَم يَكُن قَبلَهُ جودٌ بِمَوجودِ

يَجودُ حَتّى لِيُعدي الجودُ سائِلَه

فَهَل رَأَيتُم جَواداً جادَ بِالجُسودِ

فَأَيُّ مَجمَعٍ وَفرِ غَيرُ مُفتَرِقٍ

وَأَيُّ مَحفِلِ حَمدٍ غَيرُ مَشهودِ

وَأَيُّ سِلكِ ثَناءٍ غَيرُ مُتَّصِلٍ

وَأَيُّ حَبلِ رِجاءٍ غَيرُ مَمدودِ

مُهذَّبُ الخُلقِ مَعسولٌ شَمائِلُهُ

مُوَفَّقُ الرَأيِ مَلحوظٌ بِتَسديدِ

مُحَسَّدُ الفَضلِ ما بَينَ الوَرى أَبَداً

وَما سَمِعنا بِفَضلٍ غَيرِ مَحسودِ

في كَفِّهِ قَلَمٌ تَجري بِمَدَّتِهِ

عَينا دَمٍ وَعَطاءٍ غَيرِ تَصريدِ

البيضُ وَالسودُ تَعيا عَن مَداهُ وَإِن

أَنشا يُؤَلِّفُ بَينَ البيضِ وَالسودِ

فَما اللَيالي وَلا الأَيّامُ فاعِلَةٌ

فِعالَها عِندَ إِرخاءٍ وَتَشديدِ

أَضحى أَبو طالِبٍ دونَ الوَرى كَرَماً

وَلِلندى بِيَدَيهِ كُلُّ إِقليدِ

بَنىلَهُ في العُلا أَسلافُهُ شَرَفاً

وَجاءَ يُتبِعُ ما شادوا بِتَشييدِ

ذو رُتبَةٍ في القُرَيَّتَينِ عالِيَةٍ

يَرمي العِدا دونَ أَدناها بِتَبعيدِ

وَغُرَّةٍ في جَبينِ الدَهرِ شادِخَةٍ

مَوروثَةٍ مِن عُلا آبائِهِ الصِّيدِ

قَد مَهَّدَ اللَهُ أَكنافَ العَلاءِ لَهُ

وَاللَهُ يُؤثِرُ أَقواماً بِتَمهيدِ

وَأَصبَحَت أَشقِياءُ الخَلقِ مِن يَدِهِ

تَخوضُ وِردَ نَعيمٍ غَيرَ مَعدودِ

وَلَو قَضَت ما عَلَيها لَاِكتَسى وَرَقاً

مِن فَيضِ كَفَّيهِ مِنها كُلُّ جُلمودِ

فَمَن يُبَلِّغُ عَنّي مَجدَ دَولَتِهِم

مِنَ النَصيحَةِ قَولاً غَيرَ مَردودِ

بِسَيفِ رَأيِ اِبنِ مَنصورٍ نُصِرتَ عَلى

عِداكَ لَمّا تَساعَو بِالمَكاييدِ

فَاِشدُد يَدَيكَ بِنَدبٍ مِنهُ مُنتَصِرٍ

تَلقَ الوَرى بِكَمالِ غَيرِ مَجحودِ

يَنالُ مالُكَ أَقصى الحِفظِ في يَدِهِ

وَمالُهُ هُوَ مَخصوصٌ بِتَبديدِ

يَوَدُّ أَعلى مُلوكِ الأَرضِ مَنزِلَةً

لَو كانَ يُلقي إِلَيهِ بِالمَقاليدِ

لَكِنَّها قِسَمٌ يَجري القَضاءُ بِها

مِنَ الوَرى بَينَ مَجدودٍ وَمَحدودِ

هُنِّئتَ يا أَحسَنَ الإِحسانِ أَن جُمِعا

عيدانِ قَد رَوَّحا عَن كُلِّ مَجهودِ

إِظلالُ فِطرٍ وَعودٌ مِنكَ مُنتَظِرٌ

وَذاكَ أَولاهُما مِنّا بِتَعييدِ

فَاِسلَم وَدُم لِلعُلا في عيشَةٍ رَغَدٍ

مُطَرَّزٍ ثَوبٌ نُعماها بِتَأييدِ

وَاِسمَع إِذا شِئتَ مِنّي كُلَّ شارِدَةٍ

كَالعِقدِ تُجعَلُ مِن عُلياكَ في جيدِ

مِمّا نَأَيتُ بِذِهنٍ غَيرَ مُحتَبِسٍ

عَلى القَوافي وَطَبعٍ غَيرِ مَكدودِ

كَنَسجِ مَسرودَةِ العِطفَينِ سابِغَةٍ

أَو نَظمِ مُنخَرِطٍ في السِلكِ مَسرودِ

يا سَيِّداً سَوَّدَتهُ الناسُ قاطِبَةً

لا كَالَّذي سادَهُم مِن غَيرِ تَسويدِ

وَمَن غَدا وَلَهُ في كُلِّ ما نَفَسٍ

مِنَ الجَلالَةِ أَمرٌ غَيرُ مَعهودِ

قَد عَيَّدَ اليَومَ كُلُّ الناسِ قاطِبَةً

مَسَرَّةً بِقُدومٍ مِنكَ مَسعودِ

وَكانَ عيدُ الوَرى مِن بَعدِ صَومِهِمُ

فَجِئتَهُم أَنتَ قَبلَ العيدِ بِالعيدِ

الأرجاني

ناصح الدين الأرجاني، واسمه الكامل ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين القاضي الأرجاني. ولد في التخوم الشرقية من مدينة أرجان في عام 460 هجرية – 1068 ميلادية، يتميز شعر القاضي الأرجاني بطول نفس و بلطف عبارة وكان غواصاً في المعاني كامل الأوصاف. إذا ظفر على المعنى يستوعبه كاملا و لا يدع فيه لمن بعده فضلاً لذا جاءت قصائده أغلبها طويلة. فقد ابدع في اللفظ والمعنى وأجاد وقد جمعهما بمقدرة وتمكن وقيل انه كان ينظم كل يوم ثمانية أبيات شعرية على الدوام.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024