Skip to main content
search

الدَهرُ ذو دُوَلٍ وَالمَوتُ ذو عِلَلٍ

وَالمَرءُ ذو أَمَلٍ وَالناسُ أَشباهُ

وَلَم تَزَل عِبَرٌ فيهِنَّ مُعتَبَرٌ

يَجري بِها قَدَرٌ وَاللَهُ أَجراهُ

يَبكي وَيَضحَكُ ذو نَفسٍ مُصَرَّفَةٍ

وَاللَهُ أَضحَكَهُ وَاللَهُ أَبكاهُ

وَالمُبتَلى فَهُوَ المَهجورُ جانِبُهُ

وَالناسُ حَيثُ يَكونُ المالُ وَالجاهُ

وَالخَلقُ مِن خَلقِ رَبّي قَد يُدَبِّرُهُ

كُلٌّ فَمُستَعبَدٌ وَاللَهُ مَولاهُ

طوبى لِعَبدٍ لِمَولاهُ إِنابَتُهُ

قَد فازَ عَبدٌ مُنيبُ القَلبِ أَوّاهُ

يا بائِعَ الدينِ بِالدُنيا وَباطِلِها

تَرضى بِدينِكَ شَيئاً لَيسَ يَسواهُ

حَتّى مَتى أَنتَ في لَهوٍ وَفي لَعِبٍ

وَالمَوتُ نَحوَكَ يَهوي فاغِراً فاهُ

ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ

رُبَّ اِمرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنّاهُ

إِنَّ المُنى لَغُرورٌ ضِلَّةً وَهَوىً

لَعَلَّ حَتفَ اِمرِئٍ في الشَيءِ يَهواهُ

تَغتَرُّ لِلجَهلِ بِالدُنيا وَزُخرُفِها

إِنَّ الشَقِيَّ لَمَن غَرَّتهُ دُنياهُ

كَأَنَّ حَيّاً وَقَد طالَت سَلامَتُهُ

قَد صارَ في سَكَراتِ المَوتِ تَغشاهُ

وَالناسُ في رَقدَةٍ عَمّا يُرادُ بِهِم

وَلِلحَوادِثِ تَحريكٌ وَإِنباهُ

أَنصِف هُديتَ إِذا ما كُنتَ مُنتَصِفاً

لا تَرضَ لِلناسِ شَيئاً لَستَ تَرضاهُ

يا رُبَّ يَومٍ أَتَت بُشراهُ مُقبِلَةً

ثُمَّ اِستَحالَت بِصَوتِ النَعيِ بُشراهُ

لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ أَصغَرَهُ

أَحسِن فَعاقِبَةُ الإِحسانِ حُسناهُ

وَكُلُّ أَمرٍ لَهُ لا بُدَّ عاقِبَةٌ

وَخَيرُ أَمرِكَ ما أَحمَدتَ عُقباهُ

تَلهو وَلِلمَوتِ مُمسانا وَمُصبِحُنا

مَن لَم يُصَبِّحهُ وَجهُ المَوتِ مَسّاهُ

كَم مِن فَتىً قَد دَنَت لِلمَوتِ رِحلَتَهُ

وَخَيرُ زادِ الفَتى لِلمَوتِ تَقواهُ

ما أَقرَبَ المَوتَ في الدُنيا وَأَفظَعَهُ

وَما أَمَرَّ جَنى الدُنيا وَأَحلاهُ

كَم نافَسَ المَرءُ في شَيءٍ وَكايَدَ في

هِ الناسَ ثُمَّ مَضى عَنهُ وَخَلّاهُ

بَينا الشَفيقُ عَلى إِلفٍ يُسَرُّ بِهِ

إِذ صارَ أَغمَضَهُ يَوماً وَسَجّاهُ

يَبكي عَلَيهِ قَليلاً ثُمَّ يُخرِجُهُ

فَيُمكِنُ الأَرضَ مِنهُ ثُمَّ يَنساهُ

وَكُلُّ ذي أَجَلٍ يَوماً سَيَبلُغُهُ

وَكُلُّ ذي عَمَلٍ يَوماً سَيَلقاهُ

أبو العتاهية

إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي ، أبو إسحاق ولد في عين التمر سنة 130هـ/747م، ثم انتقل إلى الكوفة، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، ثم انتقل إلى بغداد، واتصل بالخلفاء، فمدح الخليفة المهدي والهادي وهارون الرشيد. أغر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار بن برد وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024