الدار أطبق إخراس على فيها

ديوان أبو نواس

الدارُ أَطبَقَ إِخراسٌ عَلى فيها

وَاِعتاقَها صَمَمٌ عَن صَوتِ داعيها

وَلي مِنَ الحَينِ عينٌ لَيسَ يَمنَعُها

طولُ المَلامَةِ أَن تَجري مَآقيها

يا دِمنَةً سُلِبَت مِنها بَشاشَتُها

وَأُلبِسَت مِن ثِيابِ المَحلِ باقيها

أَبدَت عَواصِيَ مِن دَمعٍ أَطَعنَ لَها

لَمّا رَمَيتُ بِطَرفي في نَواحيها

لَأَعطافِهِنَّ عَلى الصَهباءِ عَن دِمَنٍ

لَم يَبقَ مِن عَهدِها إِلّا أَثافيها

مَوصوفَةٌ بِفُنونِ الطيبِ طالَ لَها

عُمرٌ فَلَم تَعدُ أَن رَقَّت حَواشيها

تَرى نَظائِرَها يَخضَعنَ هَيبَتَها

فَقَد ثَمِلتُ لِما أَجلَلنَها تيها

عاطَيتُها صاحِباً صَبّاً بِها كَلِفاً

حَرباً لِعايِفِها سِلماً لِحاسيها

فَأَعنَقَت بي أَمونٌ فاتَ غارِبُها

قادَ الزِمامَ وَقادَ السَوطَ هاديها

تَجتابُ أَغبَرَ تَفتَنُّ الرِياحُ بِهِ

صَبّاً جَنوباً تُهامِيّاً شَآميها

فَتارَةً يَطعَنُ الساري بِحَربَتِهِ

وَمَوضِعُ السِرِّ أَحياناً مُناجيها

إِذا الجِيادُ جَرَت يَومَ الرِهانِ جَرَت

جَريَ السَوابِقِ تَحثو في نَواصيها

إِلى أَبي الفَضلِ عَبّاسٍ وَلَيسَ إِلى

هَذا وَلا ذا دَعَت نَفسي دَواعيها

إِنَّ السَحابَ لَتَستَحيِي إِذا نَظَرَت

إِلى نَداهُ فَقاسَتهُ بِما فيها

حَتّى تَهُمُّ بِإِقلاعٍ فَيَمنَعُها

خَوفُ العُقوبَةِ في عِصيانِ مُنشيها

وَطءُ الرَبيعِ وَوَطءُ الفَضلِ ما اِفتَرَشا

مِنَ المَكارِمِ إِذ شادا مَعاليها

بَنى الرَبيعُ لَهُ وَالفَضلُ فَاِحتَشَدا

غاياتِ مُلكٍ رَفيعاتٍ لِبانيها

وَشَمَّراهُ فَلَمّا شَمَّراهُ لَها

جَرى فَقالَ كَذا قالا لَهُ إيها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات