إن كنت تنكر ما تجن ضلوعي

ديوان لسان الدين بن الخطيب

إن كُنتَ تُنكِرُ ما تُجِنُّ ضُلوعي

منْ لاعِجٍ فاسْأل شُهودَ دُموعي

أعْمَلْتُ بعْدَكَ بالمُحَصَّبِ وقْفَتي

أدْعو مِن السُّلْوانِ غيْرَ سَميعِ

لَهْفي علَى عهْدٍ بمُنْعَرِجِ الحِمى

مَغْنَى السّرورِ وأُنْسِيَ المَجْموعِ

قالُوا مَتى ظعَنَ الّذينَ تخلّفوا

نارَ الجَوى بفؤادِكَ المَصْدوعِ

فأجَبْتُهُمْ شَدّوا الرّكائِبَ مَوْهِناً

وتحمّلوا الأقْمارَ تحْتَ هَزيعِ

وسَرَوْا فكانَ النّوْمُ شهْرَ محرَّمٍ

ومَواطِرُ الأجْفانِ شهْرَ رَبيعِ

وكَّلُوا بحِفْظِ العَهْدِ أيَّ مُراقِبٍ

واسْتَحْفَظوا الأسْرارَ غيْرَ مُذيعِ

فمَتى جنَحْتُ الى السُلوِّ تَعلُّلاً

غلَبَ التّطَبُّعُ شيمَةَ المَطْبوعِ

يا مُلْبِسي ثوْبَ السَّقامِ وتارِكي

بيْنَ الأُوامِ وبيْنَ حَرِّ ضُلوعي

عامِلْ بِما عوّدْتَ منْ لُطْفٍ ومِنْ

رُحْمَى ولا تَنْظُر لسوءِ صَنيعِ

واعْطِفْ علَيّ وجُدْ بأيْسَرِ نائِلٍ

ما قَلّ يكثُرُ منْكَ عندَ قَنوعي

أيْقَظْتَ لمّا نِمْتَ ساكِنَ زَفْرَتي

وحرَمْتَ أجْفانِي لَذيذَ هُجوعِ

ووَكَلْتُ عَيْنِي بالفَراقِدِ والسُّهَى

أبْكيكَ عنْدَ غُروبِها وطُلوعِ

فالنّجْمُ في كَبِدِ السّماءِ مُسامِري

والسُّقْمُ في قلَقِ الفِراشِ ضَجيعي

جرّدْتُ ثوْبَ الصّبْرِ فيكَ تَولُّها

ولَبِسْتُ ثوْبَ تدَلُّلي وخُضوعي

سلْ نحْوَ سائِلِ عَبْرَتي أو زَفْرَتي

يأتيكَ بالمَخْفوضِ والمَرْفوعِ

واسألْهُ عنْ وجْدِي يُجِبْكَ مُبادِراً

هَذا قِياسٌ ليْسَ بالمَرْفوعِ

عذَّبْتَني وأبَحْتَ جِسْمي للضّنَى

ومَنَعْتَني ما ليْسَ بالمَمْنوعِ

إنْ كان ذَنْبي أنّني بكَ مُغْرَمٌ

كلِفُ الفؤادِ فلاتَ حينَ رُجوعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات