إكره لغيرك ما لنفسك تكره

ديوان أبو العتاهية

إِكرَه لِغَيرِكَ ما لِنَفسِكَ تَكرَهُ

وَاِفعَل بِنَفسِكَ فِعلَ مَن يَتَنَزَّهُ

وَاِدفَع بِصَمتِكَ عَنكَ خاطِرَةَ الخَنا

حَذَرَ الجَوابِ فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَهُ

وَكِلِ السَفيهَ إِلى السَفاهَةِ وَاِنتَصِف

بِالحِلمِ أَو بِالصَمتِ مِمَّن يَسفَهُ

وَدَعِ الفُكاهَةَ بِالمُزاحِ فَإِنَّهُ

يَردى وَيَسخَفُ مَن بِهِ يَتَفَكَّهُ

وَالصَمتُ لِلمَرءِ الحَليمِ وِقايَةٌ

يَنفي بِها عَن عِرضِهِ ما يَكرَهُ

لا تَنسَ حِلمَكَ حينَ يَقرَعُكَ الأَذى

مِن كُلِّ مَن يَجني عَلَيكَ وَيَجبَهُ

فَلَرُبَّما صَبَرَ الحَليمُ عَلى الأَذى

حَتّى يَرى وَكَأَنَّه يَتَدَلَّهُ

وَلَرُبَّما حَجَبَ الحَليمُ جَوابَهُ

بِالصَمتِ مِنهُ وَإِنَّهُ لَمُفَوَّهُ

وَلَرُبَّما جَمَحَ اسِفاهُ بِذي الحِجا

حَتّى يُذَلِّلُهُ الدَنيءُ الأَسفَهُ

وَلَرُبَّما نَسِيَ الوَقورَ وَقارَهُ

حَتّى تَراهُ جاهِلاً يَتَدَهدَهُ

وَلَرُبَّما نَهنَهتَ عَنكَ ذَوي الخَنا

بِالصَمتِ إِلّا أَحجَموا وَتَنَهنَهوا

إِنَّ الحَليمَ عَنِ الأَذى مُتَحَجِّبٌ

وَعَنِ الخَنا مُتَوَفِّرٌ مُتَنَزِّهُ

وَالبَغيُ يَصرَعُ أَهلَهُ وَيُريكَهُم

وَجَميعُهُم مِن صَرعِهِ يَتَأَوَّهُ

إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ

بِصُروفِهِ وَمُيَقِّظٌ وَمُنَبِّهُ

أَفَقِهتَ عَن عِبَرِ الزَمانِ صِفاتِها

هَيهاتَ لَستُ أَراكَ عَنها تَفقَهُ

وَلَقَد أَراكَ تَعِبتَ في طَلَبِ الغِنى

شَرِهاً وَلَيسَ يَنالُهُ مَن يَشرَهُ

وَأَراكَ في الدُنيا وَأَنتَ مُنازِعٌ

وَمَنافِسٌ وَمُمازِحٌ وَمُقَهقِهُ

قُل لِلَّذينَ تَشَبَّهوا بِذَوي التُقى

لا يَلعَبَنَّ بِنَفسِهِ مُتَشَبِّهُ

هَيهاتَ لا يَخفى التُقى مِن ذي التُقى

هَيهاتَ لا يَخفى اِمرُؤٌ مُتَأَلِّهُ

إِنَّ القُلوبَ إِذا طَوَت أَسرارَها

أَبدَت لَكَ الأَسرارَ مِنها الأَوجُهُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات