أهلك والليل أيها الرجل

ديوان البحتري

أَهلَكَ وَاللَيلَ أَيُّها الرَجُلُ

قَد طالَ هَذا الرَجاءُ وَالأَمَلُ

عَوِّل عَلى الصَبرِ وَاِتَّخِذ سَبَباً

إِلى اللَيالي فَإِنَّها دُوَلُ

ما أَبعَدَ المَكرُماتِ عَن رَجُلٍ

عَلى سُؤالِ الرِجالِ يَتَّكِلُ

وَما يُريدُ الفَتى بِهِمَّتِهِ

بُلِّغَهُ مِن وَرائِهِ أَجَلُ

لَيسَ الثَرى وَالثَرِيَّ وَالعِزَّةَ ال

قَعساءَ إِلّا السُيوفُ وَالصَلُ

كُلُّ إِمرِئٍ شُغلُهُ بِقِصَّتِهِ

وَلِلفَزارِيِّ بِالقَنا شُغلُ

فَكُن عَلى الدَهرِ فارِساً بَطَلاً

فَإِنَّما الدَهرُ فارِسُ بَطَلُ

هَل هُوَ إِلّا سَبيلُ أَوَّلِكَ ال

ماضينَ أَينَ الجَحاجِحُ الأُوَّلُ

كانوا فَبانوا وَبانَ ذِكرُهُمُ

فَلَيسَ إِلّا الرُسومُ وَالطَلَلُ

لا بُدَّ لِلخَيلِ أَن تَجولَ بِنا

وَالخَيلُ أَرماحُنا الَّتي تَصِلُ

فَمَرَّةً بِاللُجَينِ تَنعَلُها

وَمَرَّةً بِالدِماءِ تَنتَعِلُ

حَتّى تَرى المَوتَ تَحتَ رايَتِنا

تُطفَأُ نيرانُهُ وَتَشتَعِلُ

فَأَقنى حَياءً فَلَستُ مِن غَزَلٍ

فَلَيسَ مِنّي النِساءُ وَالغَزَلُ

طارَ غُرابُ الشَبابُ مُرتَحِلاً

وَحَلَّ شيبٌ فَلَيسَ يَرتَحِلُ

هَذا لِهَذا وَالدَهرُ لِلغِنى سَبَبٌ

وَالمَرءُ في نَفسِهِ لَهُ عِلَلُ

تَنَقَّلُ الدَهرِ لِلغِنى سَبَبٌ

وَالمَرءُ وَالدَهرَ حَيثُ يَنتَقِلُ

فَدُم عَلَى صَبرِكَ الجَميلِ لَهُ

وَاِعمَل فَإِنَّ المُلوكَ قَد عَمِلوا

إِيّاكَ وَالناسُ أَن تُحَمِّلَهُم

فَوقَ الَّذي الآدَمِيُّ يَحتَمِلُ

إِيّاكَ وَالبُخلَ عِندَ مَكرُمَةٍ

وَإِن رَأَيتَ الرِجالَ قَد بَخِلوا

وَاِرغَب إِلى اللَهِ لا إِلى أَحَدٍ

فَإِنَّهُ خَيرُ واصِلٌ تَصِلُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات