Skip to main content
search

أَهلاً بِذالِكُمُ الخَيالِ المُقبِلِ

فَعَلَ الَّذي نَهواهُ أَو لَم يَفعَلِ

بَرقٌ سَرى في بَطنِ وَجرَةَ فَاِهتَدَت

بِسَناهُ أَعناقُ الرِكابِ الضُلَّلِ

مِن غادَةٍ مُنِعَت وَتَمنَعُ نَيلَها

فَلَوَ انَّحا بُذِلَت لَنا لَم نَبذُلِ

كَالبَدرِ غَيرَ مُخَيَّلٍ وَالغُصنِ غَي

رَ مُمَيَّلٍ وَالدَعصِ غَيرَ مُهَيَّلِ

ما الحُسنُ عِندَكِ يا سُعادُ بِمُحسِنٍ

فيما أَتاهُ وَلا الجَمالُ بِمُجمِلِ

عُذِلَ المَشوقُ وَإِنَّ مِن شِيَمِ الهَوى

في حَيثُ يَجهَلُهُ لَجاجَ العُذَّلِ

ماذا عَلَيكَ مِنَ اِنتِظارِ مُتَيَّمٍ

بَل ما يَضُرُّكَ وَقفَةٌ في مَنزِلِ

إِن سيلَ عَيَّ عَنِ الجَوابِ فَلَم يُطِق

رَجعاً فَكَيفَ يَكونُ إِن لَم يُسأَلِ

لا تَكلِفَنَّ لي الدُموعَ فَإِنَّ لي

دَمعاً يَتِمُّ عَلَيهِ إِن لَم يَفضُلِ

وَلَقَد سَكَنتُ مِنَ الصُدودِ إِلى النَوى

وَالشَريُ أَريٌ عِندَ أَكلِ الحَنظَلِ

وَكَذاكَ طَرفَةُ حينَ أَوجَسَ ضَربَةً

في الرَأسِ هانَ عَلَيهِ قَطعُ الكاحِلِ

وَأَغَرَّ في الزَمَنِ البَهيمِ مُحَجَّلٍ

قَد رُحتَ مِنهُ عَلى أَغَرَّ مُحَجَّلِ

كَالهَيكَلِ المَبنِيِّ إِلّا أَنَّهُ

في الحُسنِ جاءَ كَصورَةٍ في هَيكَلِ

وافي الضُلوعِ يُشَدُّ عَقدُ حِزامِهِ

يَومَ اللِقاءِ عَلى مُعِمٍّ مُخوَلِ

أَخوالَهُ لِلرُستُمينَ بِفارِسٍ

وَجُدودُهُ لِلتُبَّعينَ بِمَوكَلِ

يَهوي كَما تَهوي العُقابُ وَقَد رَأَت

صَيداً وَيَنتَصِبُ انتِصابَ الأَجدَلِ

مُتَوَجِّسٌ بِرَقيقَتَينِ كَأَنَّما

تُرَيانِ مِن وَرَقٍ عَلَيهِ مُوَصَّلِ

ما إِن يَعافَ قَذاً وَلَو أَورَدتَهُ

يَوماً خَلائِقَ حَمدَوَيهِ الأَحوَلِ

ذَنَبٌ كَما سُحِبَ الرِداءُ يَذُبُّ عَن

عُرفٍ وَعُرفٌ كَالقِناعِ المُسبَلِ

جَذلانَ يَنفُضُ عُذرَةً في غُرَّةٍ

يَقَقٍ تَسيلُ حُجولُها في جَندَلِ

كَالرَإِحِ النَشوانِ أَكثَرُ مَشيِهِ

عَرضاً عَلى السَنَنِ البَعيدِ الأَطوَلِ

ذَهَبُ الأَعالي حَيثُ تَذهَبُ مُقلَةٌ

فيهِ بِناظِرِها حَديدُ الأَسفَلِ

تُتَوَهَّمُ الجَوزاءُ في أَرساغِهِ

وَالبَدرُ غُرَّةُ وَجهِهِ المُتَهَلِّلِ

صافي الأَديمِ كَأَنَّما عُنِيَت لَهُ

بِصَفاءِ نُقبَتِهِ مَداوِسُ صَيقَلِ

وَكَأَنَّما نَفَضَت عَلَيهِ صِبغَها

سَهباءُ لِلبَردانِ أَو قُطرُبُّلِ

لَبِسَ القُنُوَّ مُزَعفَراً وَمُعَصفَراً

يَدمى فَراحَ كَأَنَّهُ في خَيعَلِ

وَتَخالُهُ كُسِيَ الخُدودَ نَواعِماً

مَهما تُواصِلُها بِلَحظٍ تَخجَلِ

وَتَراهُ يَسطَعُ في الغُبارِ لَهيبُهُ

لَوناً وَشَدّاً كَالهَريقِ المُشعَلِ

وَتَظُنُّ رَيعانَ الشَبابِ يَروعُهُ

مِن جَنَّةٍ أَو نَشوَةٍ أَو أَفكَلِ

هَزِجُ الصَهيلِ كَأَنَّ في نَغَماتِهِ

نَبَراتِ مَعبَدَ في الثَقيلِ الأَوَّلِ

مَلَكَ العُيونَ فَإِن بَدا أَعطَينَهُ

نَظَرَ المُحِبِّ إِلى الحَبيبِ المُقبِلِ

لِمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍِّ الشَرَفُ الَّذي

لا يَرمُقُ الجَوزاءَ إِلّا مِن عَلِ

وَسَماحَةٌ لَولا تَتابُعُ مُزنِها

فينا لَراحَ المُزنُ غَيرَ مُبَخَّلِ

وَالجودُ يَعذِلُهُ عَلَيهِ حاتِمٌ

سَرفاً وَلا جُدٌ لِمَن لَم يَعذِلِ

فَضلٌ وَإِفدالٌ وَما أَخَذَ المَدى

بَعدَ المَدى كَالفاضِلِ المُتَفَضِّلِ

سارٍ إِذا اِدَّلجَ العُفاةُ إِلى النَدى

لا يَصنَعُ المَعروفَ غَيرَ مُعَجَّلِ

عالٍ عَلى نَظَرِ الحَسودِ كَأَنَّما

جَذَبَتهُ أَفرادُ النُجومِ بِأَحبُلِ

أَو ما رَأَيتَ المَجدَ أَلقى رَحلَهُ

في آلِ طَلحَةَ ثُمَّ لَم يَتَحَوَّلِ

ضَيفٌ لَهُم يَقري الضُيوفَ وَنازِلٌ

مُتَكَفِّلٌ عَنهُم بِبِرِّ النُزَّلِ

نَفسي فِداؤُكَ يا مُحَمَّدُ مِن فَتىً

عوفي عَلى ظُلَمِ الخُطوبِ فَتَنجَلي

إِنّي أُريدُ أَبا سَعيدٍ وَالعِدى

بَيني وَبَينَ سَحابِهِ المُتَهَلِّلِ

مُضَرُ الجَزيرَةِ كُلُّها وَرَبيعَةُ ال

خابورِ توعِدُني وَأَزدُ الموصِلِ

قَد جُدتَ بِالطَرفِ الجَوادِ فَثَنِّهِ

لِأَخيكَ مِن أُدَدٍ أَبيكَ بِمُنصِلِ

يَتَناوَلُ الروحَ البَعيدَ مَنالُهُ

عَفَواً وَيَفتَحُ في القَضاءِ المُقفَلِ

بِإِنارَةٍ في كُلِّ حَتفٍ مُظلِمٍ

وَهِدايَةٍ في كُلِّ نَفسٍ مَجهَلِ

ماضٍ وَإِن لَم تُمضِهِ يَدُ فارِسٍ

بَتَلٍ وَمَصقولٌ وَإِن لَم يُصقَلِ

يَغشى الوَغى فَالتُرسُ لَيسَ بِجَنَّةٍ

مِن حَدِّهِ وَالدُرعُ لَيسَ بِمَعقِلِ

مُصغٍ إِلى حُكمِ الرَدى فَإِذا مَضى

لَم يَلتَفِت وَإِذا قَضى لَم يَعدِلِ

مُتَوَقِّدٌ يَبري بِأَوَّلِ ضَربَةٍ

ما أَدرَكَت وَلَوَ اَنَّها في يَذبُلِ

وَإِذا أَصابَ فَكُلُّ شَيءٍ مَقتَلٌ

وَإِذا أُصيبَ فَما لَهُ مِن مَقتَلِ

وَكَأَنَّما سودُ النِمالِ وَحُمرُها

دَبَّت بِأَيدٍ في قَراهُ وَأَرجُلِ

وَكَأَنَّ شاهِرُهُ إِذا اِستَعصى بِهِ

في الرَوعِ يَعصى بِالسِماكِ الأَعزَلِ

حَمَلَت حَمائِلُهُ القَديمَةُ بَقلَةً

مِن عَهدِ عادٍ غَضَّةً لَم تَذبُلِ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024