ألا من لقلب لا يمل فيذهل

ديوان جميل بن معمر

أَلا مِن لِقَلبٍ لا يَمُلُّ فَيَذهَلُ

أَفِق فَالتَعَزّي عَن بُثَينَةَ أَجمَلُ

سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَلِمتُ مَكانَهُ

وَأَنتَ بِها حَتّى المَماتِ مُوَكَّلُ

فَما هَكَذا أَحبَبتَ مَن كانَ قَبلُها

وَلا هَكَذا فيما مَضى كُنتَ تَفعَلُ

أَعِن ظُعُنِ الحَيِّ الأُلى كُنتَ تَسأَلُ

بِلَيلٍ فَرَدّوا عيرَهُم وَتَحَمَّلوا

فَأَمسوا وَهُم أَهلُ الدِيارِ وَأَصبَحوا

وَمِن أَهلِها الغِربانُ بِالدارِ تَحجِلُ

عَلى حينَ وَلّى الأَمرُ عَنّا وَأَسمَحَت

عَصا البَينِ وَاِنبَتَّ الرَجاءُ المُؤَمَّلُ

وَقَد أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي عَلى العِدى

حُساماً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَفصِلُ

وَلَستُ كَمَن إِن سيمَ ضَيماً أَطاعَهُ

وَلا كَاِمرِئٍ إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَنكُلُ

لَعُمري لَقَد أَبدى لِيَ البَينُ صَفحَةُ

وَبَيَّنَ لي ما شِئتَ لَو كُنتُ أَعقِلُ

وَآخِرُ عَهدي مِن بُثَينَةَ نَظرَةٌ

عَلى مَوقِفٍ كادَت مِنَ البَينِ تَقتُلُ

فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثلُ حاجَةٍ

كَتَمتُكِها وَالنَفسُ مِنها تَمَلمَلُ

وَإِنّي لَأَستَبكي إِذا ذُكِرَ الهَوى

إِلَيكِ وَإِنّي مَن هَواكِ لَأَوجِلُ

نَظَرتُ بِبِشرٍ نَظرَةً ظَلتُ أَمتَري

بِها عَبرَةً وَالعَينُ بِالدَمعِ تُكحَلُ

إِذا ما كَرَرتُ الطَرفَ نَحوَكِ رَدَّهُ

مِنَ البُعدِ فَيّاضٌ مِنَ الدَمعِ يَهمِلُ

فَيا قَلبُ دَع ذِكرى بُثَينَةَ إِنَّها

وَإِن كُنتَ تَهواها تَضَنَّ وَتَبخَلُ

قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها

وَما تَحتَهُ مِنها نَقاً يَتَهَيَّلُ

وَقَد أَيأَسَت مِن نَيلِها وَتَجَهَّمَت

وَلَليَأسُ إِن لَم يُقدَرِ النَيلُ أَمثَلُ

وَإِلّا فَسَلها نائِلاً قَبلَ بَينِها

وَأَبخِل بِها مَسؤولَةً حينَ تُسأَلُ

وَكَيفَ تُرَجّي وَصلَها بَعدَ بُعدِها

وَقَد جُذَّ حَبلُ الوَصلِ مِمَّن تُؤَمِّلُ

وَإِنَّ الَّتي أَحبَبتَ قَد حيلَ دونَها

فَكُن حازِماً وَالحازِمُ المُتَحَوِّلُ

فَفي اليَأسِ ما يُسلي وَفي الناسِ خُلَّةٌ

وَفي الأَرضِ عَمَّن لا يُؤاتيكَ مَعزِلُ

بَدا كَلَفٌ مِنّي بِها فَتَثاقَلَت

وَما لا يُرى مِن غائِبِ الوَجدِ أَفضَلُ

هَبيني بَريئاً نِلتِهِ بِظُلامَةٍ

عَفاها لَكُم أَو مُذنِباً يَتَنَصَّلُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جميل بثينة، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات