أعيذك أن تسمو إليك الحوادث

أعيذك أن تسمو إليك الحوادث - عالم الأدب

أُعيذُكَ أَن تَسمو إِلَيكَ الحَوادِثُ

وَأَن تَتَغشّاكَ الخُطوبُ الكَوارِثُ

سَليلَ العُلى لا زِلتَ في ظِلِّ نِعمَةٍ

لَكَ المَجدُ ثانٍ وَالسَلامَةُ ثالِثُ

وَجُزتَ المَدى في خَفضِ عَيشٍ وَعِزَّةٍ

يَدينُ لَها سامٍ وَحامٍ وَيافِثُ

وَلا زالَتِ الأَقدارُ تَجري مُطيعَةً

لِأَمرِكَ حَتّى يَبعَثَ الخَلقَ باعِثُ

وَسالَمَتِ الأَيّامُ نادِيَكَ الَّذي

بِهِ كُلَّ مَجدٍ مُجمَعِ الأَمرِ لابِثُ

لَعَمري لَقَد أَشبَهتَ فَضلاً وَسُؤدَداً

أَباكَ عَلِيّاً حينَ تَبدو النَكائِثُ

وَأُقسِمُ ما ماتَت سَجاياهُ في العُلى

وَأَنتَ لَها يا اِبنَ المَيامينِ وارِثُ

لَكَ الكَرَمُ الغَمرُ الَّذي يُحدِثُ الغِنى

وَغَيرُكَ يلوي في النَّدى وَيُماغِثُ

عَفَفتَ وَجانَبتَ الأَذى غَيرَ عاجِزٍ

وَقَد مَلَأَت كُلَّ البِلادِ الهَثاهِثُ

فَتىً نَبَوِيُّ الطَبعِ لا تَستَخِفُّهُ ال

مَثاني إِذا ما حُرِّكَت وَالمَثالِثُ

إِذا الخَمرُ أَفنى عَيثُها مالَ باخِلٍ

فَإِنَّ نَداهُ الغَمرَ في المالِ عائِثُ

وَإِن عَبَثَت أَيدي اللَيالي بِسَيِّدٍ

فَإِنَّ يَدَيهِ بِاللَيالي عَوابِثُ

جَرى وَجَرَت أَهلُ العُلى فَأَتى المَدى

جُموحاً وَأَقعى كَلبهُم وَهو لاهِثُ

فَقُل لِمُبارِيهِ رُوَيدَكَ فَاِتّئد

مَتى صَحِبَت شُهبَ البُزاةِ الأَباغِثُ

مَتى يَجرِ خَلفَ الأَعوَجِيِّ اِبنُ كَودَنٍ

فَيا قُربَ ما تَحثو عَلَيهِ الكَثاكِثُ

فَلو أَنَّ قُسّاً في الفَصاحَةِ رامَهُ

لَأَكدى وَلاِنهارَت عَلَيهِ المَباحِثُ

يُقِرُّ لَهُ في الجودِ كَعبٌ وَحاتِمٌ

وَفي الحِلمِ وَالإِقدامِ قَيسٌ وَحارِثُ

إِذا لاثَ يَوماً حَبوَةً فَكَأَنَّهُ

عَلى الطودِ مِن أَعلى أَبانينَ لائِثِ

لَهُ العَطَنُ الرَّحبُ الَّذي لَم تَزَل بِهِ

رِكابُ الأماني وَالرِياض الأَثائِثُ

يُنادي إِلَيهِ الراغِبينَ سَماحُهُ

وَأَخلاقُهُ الغُرُّ الحِسانُ الدَمائِثُ

إِذا ما دَعاهُ الرّاغِبونَ لِحاجَةٍ

فَلا الصَوتُ مَحجوبٌ وَلا الجودُ رائِثُ

هُوَ الغَيثُ لَكن طَلُّهُ وَرَذاذهُ

يَغصُّ بِهِ قُريانُهُ وَالمدالِثُ

كَريمُ الثَنا لا العِرضُ مِنهُ رَدِيَّةٌ

تُصابُ وَلا زِندُ النَدى مِنهُ غالِثُ

هُمامٌ مَتى تَقصِدهُ تَقصِد مُيَمّماً

جَواداً عَلى عِلّاتِهِ لا يُمالِثُ

جَزى اللَّهُ تاجَ الدّينِ خَيراً فَإِنَّهُ

بِهِ تُدفَعُ الجُلّى وَتُكفى الهَنابِثُ

فِدىً لأَبي زَيدٍ رِجالٌ قُلوبُهُم

عَنِ الخَيرِ غُلفٌ وَالحبالُ رَثائِثُ

لَهُم أَلسُنٌ سُمجٌ وَأَيدٍ لَئِيمَةٌ

وَأَندِيَةٌ زُعرٌ وَمالٌ جُثاجِثُ

وَإِنَّ العُروقَ الطَّيّباتِ فُروعُها

نَوامٍ وَلا تَنمو العُروقُ الخَبائِثُ

فَتىً لا يُباري جارَهُ جارُ غَيرِهِ

وَهَل يَستوي عَيمانُ قَومٍ وَآبِثُ

فَتىً لَم تَزَل أَخلاقُهُ وخِلالُهُ

عَلى حَمدِهِ في كُلِّ يَومٍ بَواعِثُ

فَقُل لِلَّذي آلى يَميناً لَقَد رَأى

لَهُ ثانياً كَفِّر فَإِنَّكَ حانِثُ

لِيَهنِكَ عِيدٌ أَنتَ أَحلى شَمائِلاً

وَأَحسَنُ مِنهُ إِن تَنَكَّرَ حادِثُ

وَعِشتُ حَميداً أَلفَ عيدٍ مُجَدَّدٍ

تَلوثُ بِعَلياكَ الرِّجالُ الملاوِثُ

فَدُونَكَها يا اِبنَ النَّبيِّ غَريبَةً

تُخَبِّرُ أَنَّ العائِبيها هَلابِثُ

جَمَعتُ بِها سِحرَ الكَلامِ الَّذي اِختَفى

قَديماً فَلَم يَنفُث بِهِ قَبلُ نافِثُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات