أصفيح ماء أديم أم سماء

ديوان صفي الدين الحلي

أَصَفيحُ ماءٍ أَديمُ أَم سَماءِ

فيهِ تَغورُ كَواكِبُ الجَوزاءِ

ما كُنتُ أَعلَمُ قَبلَ مَوتِكَ موقِناً

أَنَّ البُدورَ غُروبُها في الماءِ

وَلَقَد عَجِبتُ وَقَد هَوَيتَ بِلُجَّةٍ

فَجَرى عَلى رُسلٍ بِغَيرِ حَياءِ

لَو لَم يُشَقُّ لَكَ العُبابُ وَطالَما

أَشبَهتَ مَوسى بِاليَدِ البَيضاءِ

أَنِفَ العَلاءُ عَليكَ مِن لَمسِ الثَرى

وَحُلولِ باطِنِ حُفرَةٍ ظَلماءِ

وَأَجَلَّ جِسمَكَ أَن يُغَيِّرَ لُطفَه

عَفَنُ الثَرى وَتَكاثُفُ الأَرجاءِ

فَأَحَلَّهُ جَدَثاً طَهوراً مُشبِهاً

أَخلاقَهُ في رِقَّةٍ وَصَفاءِ

ما ذاكَ بِدَعاً أَن يَضُمَّ صَفاؤُهُ

نوراً يُضَنُّ بِهِ عَلى الغَبراءِ

فَالبَحرُ أَولى في القِياسِ مِنَ الثَرى

بِجِوارِ تِلكَ الدُرَّةِ الغَرّاءِ

يا مالِكي إِنّي عَلَيكَ مُتَيَّمٌ

يا صَخرُ إِنّي فيكَ كَالخَنساءِ

وَلَقَد أَلوذُ بِكَنزِ صَبري طالِباً

حُسنَ العَزاءِ وَلاتَ حَينَ عَزاءِ

وَأَعافُ شُربَ الماءِ يَطفَحُ لُجُّهُ

فَأَصُدُّ عَنهُ وَأَنثَني بِظَماءِ

وَإِذا رَأَيتُ مَدامِعي مُبيَضَّةً

مِثلَ المِياهِ مَزَجتُها بِدِماءِ

لا يُطمِعِ العُذّالَ حُسنُ تَجَلُّدي

فَلِذاكَ خَوفَ شَماتَةِ الأَعداءِ

فَلَئِن خَفَضتُ لَهُم جَناحَ تَحَمُّلي

فَالقَلبُ مَنصوبٌ عَلى الإِغراءِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان صفي الدين الحلي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات