أراقب من طيف الحبيب وصالا

ديوان الشريف الرضي

أُراقِبُ مِن طَيفِ الحَبيبِ وِصالا


وَيَأبى خَيالٌ أَن يَزورَ خَيالا


وَهَل أَبقَتِ الأَشجانُ إِلّا مُمَثَّلاً


تُعاوِدُهُ أَيدي الضَنا وَمِثالا


أَلَمَّ بِنا وَاللَيلُ قَد شابَ رَأسُهُ


وَقَد مَيَّلَ الغَربُ النُجومَ وَمالا


وَأَنّى اِهتَدى في مُدلَهِمِّ ظَلامِهِ


يَخوضُ بِحاراً أَو يَجوبُ رِمالا


تَأَوَّبَ مِن نَحوِ الأَحِبَّةِ طارِداً


رُقادي وَما أَسدى إِلَيَّ نَوالا


أَوائِلُ مَسَّ الغَمضِ أَجفانَ ناظِري


كَما قارَبَ القَومُ العِطاشُ صِلالا


وَما كانَ إِلّا عارِضاً مِن طَماعَةٍ


أَزالَ الكَرى عَن مُقلَتَيَّ وَزالا


سَقى اللَهُ أَظعاناً أَجَزنَ عَلى الحِمى


خِفافاً كَأَقواسِ النِصالِ عِجالا


يُغالِبنَ أَعناقَ الرُبى عَجرَفيَّةً


قِراعُ رِجالٍ في اللِقاءِ رِجالا


وَجَدتُ اِصطِباري دونَهُنَّ سَفاهَةً


وَأَبصَرتُ رُشدي بَعدَهُنَّ ضَلالا


وَما ضَرَّ مَن أَمسى زِمامي بِكَفِّهِ


عَلى النَأيِ لَو أَرخى لَنا وَأَطالا


تَذَكَّرتُ أَيّامَ القَرينَةِ وَالهَوى


يُجَدِّدُ أَقراناً لَنا وَحِبالا


مَضَينَ بِعَيشٍ لا يَعُدنَ بِمِثلِهِ


وَأَعقَبنَنا مَرَّ الزَمانِ خَيالا


سَلي عَن فَمي فَصلَ الخِطابِ وَعَن يَدي


رِماحاً كَحَيّاتِ الرِمالِ طِوالا


وَبيضاً تُرَوّى بِالدِماءِ مُتونُها


إِذا ما لَقينَ الدارِعينَ نِهالا


فَما لِيَ أَرضى بِالقَليلِ ضَراعَةً


وَأوسِعُ دَينَ المَشرَفيَّ مِطالا


تُريدُ اللَيالي أَن تَخِفَّ بِمِقوَدي


وَأَيُّ جَوادٍ لَو أَصابَ مَجالا


سَآخُذُها إِمّا اِستِلاباً وَفَلتَةً


وَإِمّا طِراداً في الوَغى وَقِتالا


فَإِن أَنا لَم أَركَب إِلَيها مُخاطِراً


وَأُعظِمُ قَولاً دونَها وَقِتالا


فَهَذا حُسامي لِم أُرِقَّ ذُبابَهُ


مَضاءً وَهَذا ذابِلي لِمَ طالا


وَأَطلُبُها بِالراقِصاتِ كَأَنَّما


أُثَوِّرُ مِنها رَبرَباً وَرِئالا


إِذا أَسقَطَ السَيرُ العَنيفُ نِعالَها


مِنَ الأَينِ أَحذَتها الدِماءُ نِعالا


وَكُلُّ غَضَنيٍّ إِذا قُلتُ قَد وَنى


مِنَ الشَدِّ جَلّى في الغُبارِ وَجالا


وَأَكبَرُ هَمّي أَن أُلاقِيَ فاضِلاً


أُصادِفُ مِنهُ لِلغَليلِ بَلالا


فِدىً لِأَبي الفَتحِ الأَفاضِلُ إِنَّهُ


يَبَرُّ عَلَيهِم إِن أَرَمَّ وَقالا


إِذا جَرَتِ الآدابُ جاءَ أَمامَها


قَريعاً وَجاءَ الطالِبونَ إِفالا


فَتىً مُستَعادُ القَولِ حُسناً وَلَم يَكُن


يَقولُ مُحالاً أَو يُحيلُ مَقالا


لِيَقرِيَ أَسماعَ الرِجالِ فَصاحَةً


وَيورِدُ أَفهامَ العُقولِ زُلالا


وَيُجري لَنا عَذباً نَميراً وَبَعضُهُم


إِذا قالَ أَجرى لِلمَسامِعِ آلا


أَسَفُّهُمُ إِن مُيِّزَ القَومُ خِلَّةً


وَأَثقَبُهُم يَومَ الجِدالِ نِصالا


وَما كانَ إِلّا السَيفَ أَطلَقَ غَربَهُ


وَزادَ غِرارَي مَضرَبَيهِ صِقالا


وَلَمّا رَأَيتُ الوَفرَ دونَ مَحَلِّهِ


جَزاءً وَقَد أَسدى يَداً وَأَنالا


بَعَثتُ لَهُ وَفراً مِنَ الشِعرِ باقِياً


وَكَنزاً مِنَ الحَمدِ الجَزيلِ وَمالا


فَسِم آخِراً مِنهُ كَوَسمِكَ أَوَّلاً


وَشُنَّ عَلَيهِ رَونَقاً وَجَمالا


وَمِثلُكَ إِن أَولى الجَميلَ أَتَمَّهُ


وَإِن بَدَأَ الإِحسانَ زادَ وَوالى

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات