Skip to main content
search

أَتَذكُرُ داراً بَينَ دَمخٍ وَمَنوَرا

وَقَد آنَ لِلمَخزونِ أَن يَتَذَكَّرا

دِيارٌ لَنا كانَت وَكُنّا نَحُلُّها

لَدى الدَهرُ سَهلٌ صَرفُهُ غَيرُ أَعسَرا

فَحالَ قَضاءُ اللَهِ بَيني وَبَينَها

فَما أَعرِفُ الأَطلالَ إِلّا تَذَكُّرا

قَضى اللَهُ أَن أَوحى إِلَينا رَسولَهُ

مُحَمَّداً البَرَّ الزَكِيَّ المُطَهَّرا

فَأَنقَذَنا مِن حَيرَةٍ وَضَلالَةٍ

فَفازَ بِدينِ اللَهِ مَن كانَ مُبصِرا

وَكانَ رَسولُ اللَهِ يَدعوهُمُ إِلى الر

رَشادِ وَلا يَألو مَساءً وَمَسفَرا

فَيَسَّرَ قَوماً لِلهُدى فَتَقَدَّموا

وَأَهلَكَ بِالعِصيانِ قَوماً وَدَمَّرا

فَأَورَدَ قَتلى المُؤمِنينَ جِنانَهُ

وَأَلبَسَهُم مِن سُندُسِ المُلكِ أَخضَرا

تُحَيّيهِمُ بيضُ الوَلائِدِ بَينَهُم

وَيَسعَرنَهُم مِسكاً ذَكِيّاً وَعَنبَرا

وَأَورَدَ قَتلى المُشرِكينَ لِبُغضِهِم

جَحيماً وَأَسقاهُم حَميماً مُسَعَّرا

وَلَم يَبعَثِ اللَهُ النَبِيَّ مُحَمَّداً

بِإيحائِهِ إِلّا لِيَسنى وَيَظهَرا

فَأَعلاهُ إِظهاراً عَلى كُلِّ مُشرِكٍ

وَحَلَّت بَلاياهُ بِمَن كانَ أَكفَرا

وَأَفلَحَ مَن قَد كانَ لِلَّهِ طائِعاً

فَخَفَّ إِلى أَمرِ الإِلهِ وَشَمَّرا

وَآزَرَهُ أَبناءُ قَيلَةَ فَاِبتَنَوا

مِنَ المَجدِ بُنياناً أَغَرَّ مُشَهَّرا

وَسَمّاهُمُ الأَنصارَ أَنصارَ دينِهِ

وَكانَ عَطاءُ اللَهِ أَعلى وَأَكبَرا

وَأَثنى عَلَيهِم صالِحاً في كِتابِهِ

فَكانَ الَّذي أَثنى أَجَلَّ وَأَكثَرا

رَأى لَهُمُ فَضلاً فَأَعطاهُمُ المُنى

وَكانَ بِما أَعطى أَطَبَّ وَأَبصَرا

فَلَمّا أَبانَ الخَيرَ فيهِم أَجادَهُم

وَلَيسَ مُجادٌ مِثلَ مَن كانَ مُحصَرا

وَكَم بَذَلوا لِلَّهِ جَهدَ نُفوسِهِم

فَصاروا بِذاكَ البَذلِ مِن سادَةِ الوَرى

فَهُم خيرَةُ الرَحمنِ مِن كُلِّ مُشرِكٍ

وَكُلِّ يَهودِيٍّ وَمَن قَد تَنَصَّرا

وَآوَوا رَسولَ اللَهِ إِذ حَلَّ دارَهُم

بِلا ضَجَرٍ خُلقاً سَجيحاً مُيَسَّرا

وَلَم يَمنَحوا الأَعداءَ إِلّا مُقَوَّماً

أَصَمَّ رُدَينِيّاً وَعَضباً مُذَكَّرا

أُباةٌ يَفوزُ مَن تَقَدَّمَ مِنهُمُ

وَسَوفَ يَنالُ الفَوزَ مَن قَد تَأَخَّرا

هُمُ اِبتَدَروا في يَومِ بَدرٍ عَدُوَّهُم

بِكُلِّ اِمرِىءٌ في الرَوعِ لَيسَ بِأَوجَرا

عَلى كُلِّ غَوجٍ أَخدَرِيٍّ مُعاوِدٍ

يُرى الماءُ عَن أَعطافِهِ قَد تَحَدَّرا

كَأَنَّ عَلى كِتفَيهِ وَاللَيلُ مُظلِمٌ

إِذا زَبَنَتهُ الحَربُ في الرَوعِ قَسوَرا

يَطَأنَ القَنا وَالدارِعينَ كَأَنَّما

يَطَأنَ قَواريرَ العِراقِ مُكَسَّرا

فَكانَت رِجالُ المُشرِكينَ وَخَيلُهُم

يَرَونَ بِهِنَّ المَوتَ أَسوَدَ أَحمَرا

إِلى أَن أَعَزَّ اللَهُ مَن كانَ بِالهُدى

مُقِرّاً وَرَدّى الذُلَّ مَن كانَ أَنكَرا

وَأَوطا نَبِيَّ اللَهِ أَطرافَ مَكَّةٍ

وَأَدخَلَهُ البَيتَ العَتيقَ المُسَتَّرا

فَطَهَّرَ مِن أَرجاسِ مَكَّةَ بُقعَةً

حَقيقٌ لَها أَكرومَةً أَن تُعَطَّرا

بِأَيدي رِجالٍ لا يُرامُ لَهُم حِمىً

إِذا لَبِسوا فَوقَ الدُروعِ السَنَوَّرا

فَما زَالَتِ الأَصنامُ تَحبَطُ كُلَّما

أَشارَ إِلى مِنها وَثيقٍ تَفَطَّرا

فَأَربَحَ أَقواماً بِأَنفَعِ سَعيِهِم

وَضَرَّ أُناساً آخَرينَ وَأَخسَرا

وَوَفّى النَبِيَّ اللَهُ ما كانَ أَوعَدا

مِنَ النَصرِ وَالفَتحِ المُبينِ لِيَغفِرا

فَحَجَّ إِلَيهِ الناسُ مِن كُلِّ جانِبٍ

بِأَحسَنِ دينِ اللَهِ خُلقاً وَمَنظَرا

كَما شاءَهُ الرَبُّ العَظيمُ وَما يُرِد

يَكُن لَم يَخَف راجوهُ أَن يَتَعَذَّرا

قَضى اللَهُ لِلإِسلامِ عِزّاً وَرِفعَةً

وَكانَ قَضاءُ اللَهِ حَتماً مُقَدَّرا

أبو بكر الصديق

عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي. أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، وأحد أعاظم العرب. ولد بمكة، ونشأ سيداً من سادات قريش، وغنياً من كبار موسريهم وعالماً بأنساب القبائل وأخبارها وسياستها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024