أتذكراني طلب الطوائل

ديوان الشريف الرضي

أَتُذكِراني طَلَبَ الطَوائِلِ


أَيقَظتُما مِنِّيَ غَيرَ غافِلِ


قوما فَقَد مَلَلتُ مِن إِقامَتي


وَالبيدُ أَولى بي مِنَ المَعاقِلِ


شُنّا بِيَ الغاراتِ كُلَّ لَيلَةٍ


وَعَوِّداني طَرَدَ الهَوامِلِ


وَصَيِّراني سَبَباً إِلى العُلى


إِنِّيَ عَينُ البَطَلِ الحُلاحِلِ


قَد حَشَدَ الدَهرُ عَلَيَّ كَيدَهُ


وَجاءَتِ الأَيّامُ بِالزَلازِلِ


وَمِن عَجيبِ ما أَرى مِن صَرفِهِ


قَد دَمِيَت مِن ناجِذي أَنامِلي


توكِسُ أَحداثُ اللَيالي صَفقَتي


لا دَرَّ دَرُّ الدَهرِ مِن مُعامِلِ


لا خَطَرَ الجودُ عَلى بالي وَلا


سَقَت يَدي يَومَ الطِعانِ ذابِلي


إِن لَم أَقُدها كَأَضاميمِ القَطا


أَو بَدَدِ العَقارِبِ الشَوائِلِ


طَوامِحَ الأَبصارِ يَهفو نَقعُها


عَلى طُموحِ الناظِرينَ بازِلِ


مُستَصحَباً إِلى الوَغى فَوارِساً


يَستَنزِلونَ المَوتَ بِالعَوامِلِ


تَحتَهُمُ ضَوامِرٌ كَأَنَّها


أَجادِلٌ تَنهَضُ بِالأَجادِلِ


غُرٌّ إِذا سُدَّت ثَنيّاتُ الدُجى


طَلَعنَها بِالغُرَرِ السَوائِلِ


وَذي حُجولٍ نافِضٍ سَبيبَهُ


عُجباً عَلى مِثلِ المَهاةِ الخاذِلِ


يَنقَضُّ لا تَلحَقُ مِن غُبارِهِ


إِلّا بَقايا فِلَقِ الجَراوِلِ


يَكرَعُ في غُرَّتِهِ مِن طولِها


وَيَتَّقي الجَندَلَ بِالجَنادِلِ


بِمِثلِهِ أَبغي العُلى وَأَغتَدي


أَوَّلَ نَزّالٍ إِلى النَوازِلِ


وَذي فُلولٍ مُرهَفٍ نِجادُهُ


عَلى لَموعٍ ذاتِ ذَيلٍ ذائِلِ


إِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ والِدي


حَزَّ الرِقابَ بِالقَضاءِ الفاصِلِ


وَجَدِّيَ النَبيُّ في آبائِهِ


عَلا ذُرى العَلياءِ وَالكَواهِلِ


فَمَن كَأَجدادي إِذا نَسَبتَني


أَم مَن كَأَحيائِيَ أَو قَبائِلي


مِن هاشِمٍ أَكرَمِ مَن حَجَّ وَمَن


جَلَّلَ بَيتَ اللَهِ بِالوَصائِلِ


قَومٌ لِأَيديهِم عَلى كُلِّ يَدٍ


فَضلُ سِجالٍ مِن رَدىً وَنائِلِ


فَوارِسُ الغاراتِ لا يُطرِبُهُم


إِلّا نَوّازي نَغَمِ الصَواهِلِ


بِالسُمرِ تَختَبُّ ثُعَيلِباتُها


مِثلَ ذِئابِ الرَدهَةِ العَواسِلِ


وَالبيضُ قَد طَلَعنَ مِن أَغمادِها


لِلرَوعِ تَعلو قِمَمَ القَبائِلِ


يُخضَبنَ إِمّا مِن دِماءِ مارِقٍ


أَو مِن دِماءِ العوذِ وَالمَطافِلِ


ذَوُو القِبابِ الحُمرِ يُنضى سَجفُها


عَن عَدَدٍ مِن سامِرٍ وَجامِلِ


أَرى مُلوكاً كَالبِهامِ غَفلَةً


في مِثلِ طَيشِ النَعَمِ الجَوافِلِ


أَولى مِنَ الذَودِ إِذا جَرَّبتَهُم


بِرَعيِ ذي الرِياضِ وَالخَمائِلِ


إِن أَنا أَعطَيتُهُمُ مَقادَتي


فَلِم إِذاً أَطلَقَ غَربي صاقِلي


وَمِقوَلي كَالسَيفِ يَحتَمي بِهِ


أَشوَسُ أَبّاءٌ عَلى المَقاوِلِ


ما لَكَ تَرضى أَن يُقالَ شاعِرٌ


بُعداً لَها مِن عَدَدِ الفَضائِلِ


كَفاكَ ما أَورَقَ مِن أَغصانِهِ


وَطالَ مِن أَعلامِهِ الأَطاوِلِ


فَكَم تَكونُ ناظِماً وَقائِلاً


وَأَنتَ غِبَّ القَولِ غَيرُ فاعِلِ


كَم يَقتَضيني السَيفُ عَزمي وَيَدي


تَدفَعُهُ دَفعَ الغَريمِ الماطِلِ


أَأَرهَبُ القَتلَ حِذارَ ميتَةٍ


لا بُدَّ أَلقاها بِغَيرِ قاتِلِ


قَد غارَ قَبلي الرُمحُ في عُتَيبَةٍ


تَحتَ العَوالي وَكُلَيبِ وائِلِ


هَبني شَبيباً يَومَ طاحَت عُنقُهُ


عَن حَدِّ مَفتوقِ الغِرارِ قاصِلِ


لَمّا رَأى المَوتَ أَوِ الذُلَّ اِنبَرى


إِلى الرَدى مُشَمِّرَ الذَلاذِلِ


أَو مُصعَباً لَمّا دَنا ميقاتُهُ


وَضَرَبَ المِقدارُ بِالحَبائِلِ


حَمى يَمينَ الضَيمِ أَن يَقودَهُ


وَاِنقادَ في حَبلِ الرَدى المُعاجِلِ


فِعلَ اِمرِىءٍ رَأى الخُمولَ ذِلَّةً


فَاِختارَ أَن يُقبَرَ غَيرَ خامِلِ


إِن كانَ لا بُدَّ مِنَ المَوتِ فَمُت


تَحتَ ظِلالِ الأَسَلِ الذَوابِلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات