أبا قرب النعي من البشير

ديوان القاضي الفاضل

أَبا قُرب النَعِيِّ مِنَ البَشيرِ

وَيا لَيلَ المُصيبَةِ مِن سَميري

وَيا سَيفاً حَمائِلُهُ المَعالي

وَما خِلتُ الغُمودَ مِنَ القُبورِ

وَيا ذِكراً وَيا ذَكَراً تَوَلّى

مُقيماً لِلإِناثِ وَلِلذُكورِ

وَيَأَهلَ العُلا بَكّوا هِلالاً

لَيالي التِمِّ عُدَّ مِنَ الشُهورِ

بِنَفسِيَ أَنتَ مِن نَفسٍ تَوَلَّت

وَسِرُّ عُلاً أُقِلُّ عَلى سَريرِ

وَأَخذُكَ مِن رِجالٍ كَالمَنايا

وَأَخذُكَ مِن قُلوبٍ كَالصُخورِ

وَقَطفُكَ مِن ذُرا شَجَرِ العَوالي

تَسَرَّبَ بَينَها خُلُجُ الذُكورِ

وَرَفعُكِ في حُجورٍ مِن سَماءِ

وَحَطُّكَ مِن سَماءٍ في جُحورِ

وَخَطفُكَ مِن يَدٍ تَهمي وَتَحمي

فَتَختَصِمُ النِصالُ مَعَ النُحورِ

وَشَيَّعتُ السَحابَ بِسُحبِ دَمعٍ

يُشَيِّعُها العَواصِفُ مِن زَفيري

فَمِن صَبرٍ تَداعى لِلتَداعي

وَمِن حُزنٍ تَداعى بِالنَفيرِ

وَغَضُّكَ أَيَّ عَينٍ لَم تُجِلها

فَتَعرِفَ في العِدا عَينَ الظُهورِ

كَبيرٌ ما جَناهُ الدَهرُ فيهِ

فَلِم صَغَّرتَ ثَكلِيَ في الصَغيرِ

فَيا لَلَهِ مِن هَمٍّ طَويلاٍ

وَيا لِلناسِ مِن جَفنٍ قَصيرِ

وَيا ثُكلَ الجُفونِ جَفا كَراها

وَيا هَمَّ القُلوبِ مِنَ السُرورِ

بَني أَيّوبَ قَد أَذوَت وَأَدوَت

أُذاةُ صُدورِكُم ذاتَ الصَدورِ

فَيا عَجَباً لِدَفنِ النورِ لَيلاً

وَجُنحُ اللَيلِ يَجلو كُلَّ نورِ

بَرَزنا بِالأَميرِ إِلى فَلاةٍ

يَبيتُ طَليقُها عَينَ الأَسيرِ

وَوَدَّعناهُ قَلباً في ضُلوعٍ

وَأَودَعناهُ سِرّاً في ضَميرِ

وَسَلَّمناهُ دُرَّةَ أَيِّ بَحرٍ

سَنَلقاهُ قَرينَ نُحورِ حورِ

رَدَدناهُ مُعاراً وَاِحتِسَبنا

فَلَم نَسخَط عَلى قَدَرِ المُعيرِ

وَجَدَّدنا لِلُطفِ اللَهِ حَمداً

لِإِمتِناعِ العُلا بِالمُستَعيرِ

خَفَضنا أَرفَعَ الأَصواتِ فيهِ

عَلى رَفعِ الغَليلِ المُستَطيرِ

فَأَطلَعنا دُموعاً مِن جُفونٍ

كَما اِبتَسَمَت شِفاهٌ عَن ثُغورِ

وَأَدَّبَنا تَجَلُّدُ ثاكِليهِ

وَإِن نادى المَدامِعَ بِالنَفيرِ

وَيُعدِمُنا العُيونَ وَلَيتَ أَنّا

حُجِبنا في الظُهورِ عَنِ الظُهورِ

سَيُعدَمُ ذا النَسيمُ فَيا غَليلي

تَزَوَّد قَبلَ يُحجَبُ بِالقُبورِ

وَعَتبي لِلزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ

كَما عُتِبَ الصَباحُ مِنَ البَصيرِ

فَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَقالَ فينا

كَم أَرسَلَنا إِلَيهِم مِن نُذيرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان القاضي الفاضل، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

أمن تذكر جيران بذي سلم

أمِنْ تَذَكُّرِ جِيران بِذِي سَلَمٍ مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ أمْ هَبَّتْ الريحُ مِنْ تِلْقاءِ كاظِمَةٍ وأوْمَضَ البَرْقُ فِي الظلْماءِ مِنْ إضَمِ فما لِعَيْنَيْكَ…

تعليقات