Skip to main content
search

أأبا الحسينِ كُفيتَ ما بعد الرّدى

فلقد قضيتَ ردىً برغم معاطِسِ

ما دار في فكري فراقُك هكذا

دون الأنام ولا جرى في هاجسي

وذخرتُ منك مودّةً فُسِلبْتُها

والدّهرُ مشغولٌ بسلبِ نفائسي

ما كنتَ من جِنسي ولا من أُسرَتِي

وَلأَنتَ بالودّ الصّحيح مُجانسي

صانعتُ فيك معاشراً وكتمتُهمْ

وَجْدِي عليك وصَبْوَتِي ووساوسي

وحبستُ دمعي أنْ يسيلَ تجمُّلاً

لو كان دمعٌ لا يسيلُ لحابسِ

ولقد لبستَ من الزّمان جلالَه

وجلستَ منه في أعزّ مجالسِ

وَحَكمتَ في الملكِ الّذي ما حَكَّموا

فيه سوى ماضي العزيمةِ سائسِ

ورأيت دونك كلَّ ذي خيريّةٍ

سامي البَنِيَّةِ في عُلاً متشاوسِ

وفرجتَ بالآراءِ ضِيقَ شديدةٍ

ومحوت بالأضواء ضيقَ حنادسِ

وضربت بالأسيافِ كلَّ مسايفٍ

ودعستَ بالأرماحِ كلَّ مُداعِسِ

ورددتَ ذا لَجَبٍ يضيق به الفَلا

ملآن من جُنَنٍ له وقوانسِ

وأريتَ أنّ فوارساً في طيّهِ

بالطّعنِ في اللَّبّات غيرُ فوارسِ

وَإِذا أناسٌ نافسوك وقدّروا

أن يلحقوك فضحت كلَّ منافِسِ

أو ناضلوك فَضَلْتَهُمْ بصوائبٍ

أو زاحموك زَحَمْتَهمْ بقَدامِسِ

وركبتَ كلّ مطاوعٍ متعطِّفٍ

لَمّا اِبتُلُوا بروافسٍ وشوامسِ

وَإِذا اِختبرت ففي الزّمان أكايسٌ

حازوا الكمالَ وفيه غيرُ أكايسِ

في كلِّ يومٍ لِي حميمُ مودّةٍ

أعطيه من فَقْدٍ يمينَ الرّامِسِ

وأصونُهُ بالتُّرب والتّرب الّذي

فيه أكفُّ دوارسٍ وكوامسِ

وأودُّ أنّي بعد ذاك لقيتُهُ

لو يلتقي حيٌّ بمَيْتٍ دارسِ

وإذا رجعتُ رجعتُ صِفراً يائساً

عن مُقفر من كلِّ شيءٍ يابسِ

وَهو الزّمانُ فعبرةٌ لمُغفَّلٍ

أطوارُهُ أو ضُحكةٌ للعابِسِ

أَيردُّ ما أعطاك غيرَ مُلبِّثٍ

من بعد أن أعطاك غيرَ مماكِسِ

وَإِذا نَجونا من خطوبِ مُلِمَّةٍ

عرضت لنا تأتي نيوبُ نواهسِ

أين الأُلى حلّوا السّماءَ وعارضوا

زُهْرُ النُّجومِ مقابساً بمقابسِ

فَاِستَفرَشوا الكرمَ المُبِرَّ على الورى

عفواً مكانَ نمارِقٍ وطَنافِسِ

وَسَرى لَهُمْ ذِكرٌ ذكيٌّ عَرْفُهُ

شَرقاً وَغَرباً في ظهورِ عرامِسِ

وَكأنَّ أَوجههمْ بحسنٍ صُقّلتْ

قُضُبُ الوغى مصقولةٌ بمدواسِ

مِن كلّ مُمتَعضِ الحميّةِ آنفٍ

ذي مارنٍ في الذُّلِّ ليس بعاطسِ

أَخنَى الزّمان عليهمُ وسقاهُمُ

كأسَ الحِمامِ فما ترى من نابِسِ

فَكأنَّهمْ عَصْفٌ تحكّمُ غُدْوَةً

وعشيّةً فيه هبوبُ روامِسِ

كانَتْ دِيارهُمُ نهاراً مُشرقاً

فالآن عُدْنَ كجُنحِ ليلٍ دامِسِ

وَبِرَغمِهمْ مِن بعدِ أَن سَكنوا الذُّرا

سكنوا بطونَ صفاصفٍ وبسابِسِ

لا زالَ قبرُك يا محمّدُ مُفهقاً

من كلّ منهمِرِ السّحائبِ راجِسِ

صَخْبِ الرّعودِ كأنّما أجراسُهُ

صُبحاً وإمساءً زئيرُ عنابِسِ

وإذا القبورُ دُرِسْنَ يوماً فليكنْ

قبرٌ به وسِّدْتَ ليس بدارسِ

الشريف المرتضى

ابوالقاسم السيد علي بن حسين بن موسی المعروف بالشريف المرتضى هو مرتضی علم الهدی (966 – 1044 م) الملقب ذي المجدين علم الهدي، عالم إمامي من أهل القرن الرابع الهجري. من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024